
محمد العمراني
بعد أن كان الأمر يتداوله الناس بشكل غير رسمي، وبعد القيل والقال، انكشف المستور هذا الأسبوع، وصار خبر تورط أمانديس والشركات المتفرعة عنها في تهريب الأموال للخارج، في حكم المؤكد…
وحسب المعطيات المتسربة عن هذا الملف الخطير، فإن مكتب الصرف فرض على أمانديس والشركات المتفرعة عنها أداء 30 مليار سنتيم كغرامة، بسبب تورطها في تهريب مبالغ طائلة خارج التراب الوطني، كما قام باتخاذ عدة إجراءات احترازية، لم يكشف عنها لضمان استخلاص هاته المبالغ لفائدة الخزينة العامة.
وحسب ذات المصادر فإن مكتب الصرف بعد مراجعته للتحويلات المالية التي قامت بها شركة أمانديس والشركات المتفرعة عنها، وبعد التدقيق والتقصي الذي أجراه حول الموضوع، ومقارنة ذلك بالتحويلات المالية المصرحة لديه ولدى المؤسسات البنكية، وقف على العديد من الاختلالات، تفيد بتورط الشركة الفرنسية المفوض لها تدبير قطاع الماء والكهرباء بمدينة طنجة وبالعديد من المدن المغربية في تهريب مبالغ مالية ضخمة إلى الخارج.
هاته االفضيحة التي هزت أركان الشركة الفرنسية لا ينبغي أن تمر مرور الكرام، فالحكومة اليوم مطالبة باتخاذ الإجراءات والتدابير القانونية لاستخلاص الغرامة أولا، ثم فتح تحقيق في الموضوع، وإخضاع الشركة لتدقيق حساباتها منذ أن تسلمت مهام تدبير هذا المرفق الحيوي…
إذا لا يعقل أن تبقى أمانديس فوق القانون، وهي التي كانت سببا في اشتعال توترات اجتماعية، كادت أن تشعل حرائق لم يكن يتوقع أحدا كيف سيمكن التحكم فيها…
لقد سبق للمجلس الجهوي للحسابات أن أصدر تقريرا شهيرا حول نتائج افتحاصه لأمانديس، رصد فيه اختلالات خطيرة، ونبه إلى وجود قرائن عن تحويل غير قانوني للأموال خارج المغرب…
ولتنوير الرأي العام بأخطر الاختلالات الواردة بذات التقرير، لا بأس من التذكير بأهمها:
- إلى حدود 2009 استخلصت أمانديس ما يفوق 40 مليار سنتيم، بدون وجه وبطرق مخالفة للقانون…
- فوترة واستخلاص تكاليف صورية للربط بالشبكات…
- تكرار فوترة واستخلاص إتاوات المساهمة في البنى التحتية إبان الإقامة الأولية ذ، حيث تلزم أمانديس مقتني البقع الأرضية بأداء إتاوة المساهمة في البنى التحتية، في حين أن هذه الإتاوات سبق أداؤها من طرف المنعشين المجزئين. وذلك في خرق فاضح لمقتضيات القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات.
- فوترة واستخلاص تكاليف صورية تتعلق بوضع وإزالة العدادات وتجميد العدادات التي لا تتم إزالتها بعد إنهاء عقود الانخراط؛
- استخلاص تكاليف صيانة وكراء العدادات الكهربائية دون مقابل: على عكس عدادات الماء الصالح للشرب، تقوم أمانديس بتطبيق إتاوة شهرية تتعلق بصيانة عدادات استهلاك الكهرباء في غياب لأية خدمة من قبيل صيانة العدادات الموضوعة في محال استهلاك الطاقة الكهربائية. وقد بلغت قيمة هذه الإتاوة المفروضة على مستهلكي الطاقة الكهربائية «الضغط المنخفض» دون مقابل والمستخلصة عن طريق النظام المعلوماتي الحالي المتعلق بالتدبير المندمج للزبناء ما بين 17 أكتوبر 2005 و 31 أكتوبر 2008 حوالي: 10 مليار سنتيم. علما أن العدادات هي في ملكية السلطة المفوضة أي الجماعة الحضرية. إلى غير ذلك من الخروقات التي تتضمن شبهة الفعل الجرمي…
لكن في الوقت الذي كنا ننتظر من الحكومة التي قالت لنا بأنها جاءت لمحاربة الفساد، فإن هذا التقرير ظل حبيس أدراج السيد وزير العدل، والذي أخفى جرأته التي ظل يشهرها في وجه البسطاء، وبلع التزامته بكون لن يتراجع أمام أي ملف للفساد مهما كان المتورط فيه…
وإلى يوم الناس هذا لم يجرؤ السي مصطفى الرميد على إحالة التقرير على القضاء…
أما السادة أعضاء مجلس مدينة طنجة، كل واحد بإسمه وصفته، من مختلف الأحزاب والهيئات، فإن فضيحة تورط أمانديس في تهريب الأموال، يبدو أنه لم يحرك فيهم أي ساكن، إذ لم نسمع بأي موقف صدر سواء من المكتب المسير أو من المعارضة، إن كانت لا تزال بمجلس المدينة معارضة، بعد أن باع الإخوة في حزب المصباح الطرح للبام…
فهؤلاء الذين يتبندون في مقاعد قاعة الاجتماعات عند دورات المجلس، ويتسابقون لإعطاء التصريحات والاستجوابات، ويقدمون أنفسهم ممثلون للساكنة، يبدو أنهم منهمكون هاته الأيام في “تستيف” القوائم الانتخابية، حتى الإخوة في حزب المصباح يتضح أن عدوى التسابق على المراتب الأولى في القوائم الانتخابية، قد أصابتهم كذلك، ولذلك لا وقت لديهم لإعطاء موقف بخصوص فضيحة تهريب أمانديس لملايير السنتيمات خارج التراب الوطني…
فالعد العكسي للسباق نحو المناصب قد انطلق، ولا صوت يعلو فوق صوت ” لاكورريدا”…