أخبار جهوية

شركات الأقاليم الجنوبية بين مطرقة الإقصاء وسندان التمييز… فوسبوكراع في قفص الاتهام

الجمعة 15 أغسطس 2025 - 13:13

شركات الأقاليم الجنوبية بين مطرقة الإقصاء وسندان التمييز… فوسبوكراع في قفص الاتهام

*

تشهد الأقاليم الجنوبية للمملكة منذ سنوات دينامية تنموية متسارعة، بفضل الرؤية الملكية السامية التي وضعت العدالة المجالية في صميم السياسات العمومية، وأكدت على أن لا مكان لمغرب بسرعتين، حيث يتمتع جميع المواطنين والمقاولات بنفس الحقوق والفرص، بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية.

غير أن هذه الرؤية الطموحة تصطدم، في نظر عدد من الفاعلين الاقتصاديين المحليين، بواقع مُرّ تعكسه ممارسات بعض المؤسسات الكبرى، وعلى رأسها شركة فوسبوكراع التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط. فقد عبّرت العديد من الشركات المحلية النشطة في قطاع الهندسة المدنية عن تذمرها الشديد من “الإقصاء الممنهج” الذي يطالها في الصفقات والمشاريع التي تُطلقها الشركة بالمنطقة.

ووفق تصريحات عدد من المقاولين المحليين، فإن فوسبوكراع غالباً ما تفوّت هذه الصفقات لشركات قادمة من مدن الشمال، متجاهلة الطاقات والكفاءات المحلية التي راكمت خبرة ميدانية واسعة، وقادرة على تنفيذ المشاريع بنفس المعايير والجودة المطلوبة، بل وبكلفة تنافسية. ويعتبر هؤلاء المقاولون أن ما يحدث يمثل ضرباً صارخاً لمبدأ تكافؤ الفرص، وإقصاءً مباشراً للمقاولة المحلية من حقها المشروع في المساهمة في تنمية جهتها.

ويؤكد المتضررون أن هذه الممارسات لا تضر فقط بالاقتصاد المحلي، وإنما تتناقض بشكل صارخ مع مضامين الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش، الذي شدّد فيه جلالة الملك محمد السادس على أن العدالة المجالية ليست خياراً ظرفياً، بل مبدأ راسخ يضمن الاستفادة العادلة من ثمار التنمية لجميع أبناء الوطن.

كما أشاروا إلى أن حرمان المقاولات المحلية من فرص الشغل الكبرى يدفع إلى تراجع فرص التشغيل في صفوف الشباب، ويؤثر سلباً على الدورة الاقتصادية داخل الأقاليم الجنوبية، في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون هذه المشاريع رافعة حقيقية للنمو الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.

ويطالب هؤلاء الفاعلون الاقتصاديون الجهات الوصية بفتح تحقيق في هذه التجاوزات، وإلزام المؤسسات العمومية وشبه العمومية باحترام مبدأ الأولوية للمقاولات المحلية في الصفقات الإقليمية، بما ينسجم مع التوجهات الملكية ومع مقتضيات الجهوية المتقدمة التي تسعى إلى جعل الأقاليم الجنوبية نموذجاً تنموياً متكاملاً.

فبين الخطاب الملكي الذي يرسم طريقاً نحو مغرب متوازن وعادل، والواقع الذي يفرض تمييزاً غير مبرر ضد المقاولات المحلية، يظل السؤال مطروحاً بإلحاح: متى ستنتهي هذه المفارقة الصارخة؟