
طنجاوي – إنصاف المغنوجي
مع إشراقة كل صباح يستيقظ العم مصطفى يحمل عربته الصغيرة ويجرها بين الأحياء مناديا ا”لسخون” هذه الكلمة التي لن يفهما إلا من عاش في حي من أحياء طنجة وتذوق أكلة شعبية شهيرة يطلق عليها السكان المحليون اسم “كَالينتي”، تباع فوق عربات خشبية صغيرة، أو بمحلات تصنعها في أفران تقليدية.
“كالينتي”، تسمية إسبانية تعني ساخن، وأصبحت تطلق على هذه الأكلة الشعبية، بحكم أن من يبيعها كان يردد عبارة تفيد أنها ساخنة.
ويتم إعداد الأكلة أساسا من دقيق الحمص، بعد مزجه بالزيت والماء، وهي أكلة أدخلها إلى طنجة يهود أوروبا، الذين كانوا يختارون الاستقرار بعروس الشمال (طنجة) منذ بدايات القرن الماضي، قبل أن يحافظ أهل المدينة على هذه الأكلة، ويحمونها من الاندثار.
وتحظى الأكلة بشعبية كبيرة، في أوساط ساكني طنجة، بفضل لذة طعمها من جهة، وتكلفتها الرخيصة من جهة ثانية، فثمن الشطيرة (القطعة) الواحدة منها لا يتعدى درهما واحدا (0.11 دولار).
يقول العم “مصطفى” هذه مهنتي وحرفتي التي ورثتها من أبي أجوب الأحياء والشوارع إلا أن أبيع كل ما صنعت.
هذا النشاط هو قوتي اليومي الذي أطعم به أبنائي الأربع وزوجتي والذي يدر علي دخلا لا باس به يعينني على تدبير شؤون المعيشة اليومية.
وحسب ما يتداوله سكان طنجة فإن أول من عمل على تحضير وبيع “كالينتي” بمدينة طنجة، هم يهود إسبانيا وبولندا الذين عاشوا في المدينة لفترة طويلة. ويقال أيضا أن يهود بولندا حينما فروا من قوات هتلر إبان الحرب العالمية الثانية، واستقر عدد كبير منهم بطنجة، نقلوا معهم هذه الأكلة “الساخنة” التي تعلموها منهم الإسبان، وهم أول من باع “كالينتي” بين دروب وأزقة المدينة، وكان الذي يبيعها يعلن بلغة إسبانية بأنها ساخنة “caliente” ، ونظرا لكثرة تداول هذه الكلمة الإسبانية أصبحت الكلمة تعني الأكلة ذاتها.