
محمد كويمن العمرتي٭
عادة ما كان الجمهور، يردد عبارة: آعد آعد آعد..، في حفلات فنية، حين يطالب المطرب بإعادة بعض أغانيه المفضلة أكثر من مرة، لكن سرعان ما انقطعت هذه العادة مع نفشي الرداءة، ولم يعد المتلقي يتحمل المزيد من التكرار، بل في كثير من الحالات صارت عبارة “وعايقتو” الأكثر تداولا بين نفس الجمهور..
ولعل الفن السياسي الأقرب إلى هذه “العياقة”، وإن كانت شريحة كبيرة من جماهير هذا الفن، تتحمل مسؤولية كبيرة في كثرة التكرار لدرجة الملل القاتل، والغريب أن عبارة يكرر أضحت مقياسا للنجاح في المجال السياسي، علما بأنها (يكرر) ترتبط أساسا بالراسبين، عكس ينتقل، كما هو معمول به في نتائج نهاية كل سنة دراسية. والحال أن اختفاء يكرر في التعليم الابتدائي على الخصوص، أتاح الفرصة للتكرار في جل مراحل التعليم السياسي، وأضحت مجموعة من الأحزاب تكرر تجاربها في جميع محطاتها الانتخابية، وتعيد تقديم نفس الوجوه، إلى أن فقت قدرتها على تحمل ما تنتجه من مخلفات مصانع تكرار مرشحيها، وأصبحت تدور في حلقة مفرغة، تبحث عن مكررين بألوان مختلفة في سبيل حصولها على مقعد مكرر..
وغالبا ما يفرض المرشح المكرر نفسه بسلطته المالية، أمام إصرار العديد من القيادات الحزبية على مواصلة احتضان ممولين بدل المناضلين، بدعوى الرغبة في كسب الأصوات، التي تجعلهم يحافظون على تواجدهم تحت قبة البرلمان، لكن التخوف الكبير لدة بعض الأحزاب من انتهاء صلاحية التكرار، بعدما فطنوا، وإن بعد فوات الأوان، بأن الجمهور الانتخابي لم يعد يكرر، بل انتقل إلى مستوى آخر في تعامله مع الكائنات الانتخابية المكررة، واخرى المصنوعة تحت الطلب.
وكما يقول المثل الشهير: إذا ظهر المعنى لا فائدة في التكرار، والمعنى واضح وضوح الشمس في النهار، سيكون أكثر جمالا لو تفادى أصحاب الحل والعقد تكرار نفس الأخطاء في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، وإن كانت لدى بعض الأحزاب نية مبيتة في اعتماد نفس الأساليب، وتبني شعار لافائدة من التكرار لإخفاء المعنى الحقيقي فقط لا غير…
٭ عن أسبوعية “لاكرونيك”