
أكد المشاركون في مؤتمر تحتضنه كلية اللغات والآداب والفنون بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، على ضرورة التصدي لظاهرة الانتحال في الآداب والفنون لكسب الرهانات التنموية، والعمل على تطويق هذه الظاهرة التي فاقمتهما الطفرة التكنولوجية، وأججها الوقع السلبي للذكاء الاصطناعي.ودعا المشاركون خلال المؤتمر الذي يبحث موضوع “الانتحال في الآداب والفنون”، وينظمه على مدى يومي 16 و17 أكتوبر الجاري، مختبر الأدب والفنون والهندسة البيداغوجية بالكلية، إلى تسليط مزيد من الضوء على ظاهرة الانتحال وجذورها التاريخية، لاسيما في الموروث الشعري العربي الجاهلي منه والمعاصر، والذي لم يسلم من هذه الظاهرة التي توجب سواء على الباحث أو المختص المشتغل بها، تحري الدقة، للوقوف على أوجه الانتحال التي قد تطال قصائد وأشعارا وروايات، تحيد بها عن هيئتها الأولى.ويتوخى المؤتمر الذي حضر جلسته الافتتاحية كتاب ومختصون منهم على الخصوص الأستاذ عبد الفتاح كيليطو، الانكباب في المقابل، على بعض من أوجه الانتحال المحمودة التي يعمد كتابها وكاتباتها على تضمين أدبياتهم صورا من الانتحال التي قد تنتصر لأفكار ورؤى ينافحون عنها، على غرار الترافع عن الحقوق الفئوية، من قبيل حقوق المرأة، أو تسويق توجهات تستنهض الهمم.وفي هذا الصدد قال عميد كلية اللغات والآداب والفنون بالقنيطرة، محمد زرو، إن الموروث العربي الأدبي على الخصوص، حابل بظاهرة الانتحال، مستشهدا بمؤلفات من قبيل كليلة ودمنة لعبد الله بن المقفع، ومقامات بديع الزمان الهمذاني، والحريري، التي كانت مناط انتحال، مما حذا بالمشتغلين عليها بتبيان المنحول من الأصيل.وأبرز مجموعة من المدارس والمذاهب التي اعتنقت الانتحال، من أجل تسويق رؤى تخدم مصالحها وأجنداتها، وتضمر مكنوناتها، مسجلا الحاجة إلى سبر أغوار النصوص الأدبية لاسيما القديم منها، والعمل بتؤدة على تحليل خطابها، استيعابا لمعانيها العميقة.أما الأستاذة سناء الغواتي، فحذرت من “المنتحلين الجدد”، الذين يتوسلون بالذكاء الاصطناعي، للسطو على كتابات ورسومات الغير، مستعرضة امتدادات هذه الظاهرة المذمومة التي تنسحب على مجالات الفنون، والآداب، والدراسات القانونية على حد سواء.وقالت الغواتي، وهي أيضا مديرة مختبر الأدب والفنون والهندسة البيداغوجية، إن الانكباب على بحث ظاهرة الانتحال في الآداب والفنون يعتبر “من الأمور المستعجلة التي توجب العمل وفق مقاربة متعددة التخصصات”، مضيفة أن الانتحال يشكل تهديدا للحرية، ويجعل المنتح ل م فر غا الجهد في تبديد صالح المجتمع.وعززت مداخلتها بمؤلفات ضم نها كتابها ورسامها انتحالا “محمودا خدم الذائقة الأدبية، كما استرعى القراء والولوعين بالفن التشكيلي”، من قبيل الكاتبي ن جورج بيرنانوص، وجان ماري بول، والفنان التشكيلي مارسيل ديشان، الذي بلور مصطلح “الجاهز” (ready-made) الذي يحيل على تجربة محددة يستولي فيها “الفنان على قطعة مصنوعة كما هي، ويجردها من وظيفتها النفعية، ثم يعمد إلى إضافة عناوين وتواريخ وربما نقوشا، ويجري نوعا من التلاعب عليها، قبل عرضها في مكان ثقافي حيث يتم مهرها بصفة العمل الفني”.ويبحث المؤتمر تيمات تتعلق أساسا بـ”الانتحال النسوي .. سيطرة على السلطة”، و”الحقبة الرقمية، حقبة انتحال”، و”الفن المعاصر بين الاستفزاز والانتحال”، و”الانتحال في ألعاب الفيديو .. أو حينما يصبح الانتحال ممتعا”.