
طنجاوي – عبد اللطيف برحو
أصبح النقاش داخل الحزب منحرفا بشكل خطير، وأضحى الجدل لا يطاق، وبدأت معالم خطرة كنت أحس بها وأستشعرها منذ عدة أشهر.
فعوض أن نعد العدة لمناقشة تصورات سياسية مبنية على المعطيات والمستجدات التي يعرفها المغرب في سياقيه الوطني والدولي، وجدنا أنفسنا أول الأمر أمام نقاش تنظيمي يكاد يقسم الحزب لطائفتين أو أكثر؛
وبدل أن نصوغ إجابات سياسية ومجتمعية وتنموية لمشاكل المغاربة، غرقنا في وحل الجدل حول من يجب أن يكون أمينا عاما، وذلك رغم أن منهج الحزب يحرِّم هذا النقاش خارج المؤسسات، ووجدنا أنفسنا جميعا خارج المنظومة الترشيحية التي اعتمدناها منذ بداية العمل السياسي؛
في حين كان الأولى فتح نقاش سياسي حقيقي وحوار داخلي حول أطروحة المؤتمر للخروج بقراءة جماعية للإشكالات الكبرى وللإجابات المتفق عليها بخصوصها؛
الأولوية الآن لصياغة مشروع رؤية سياسية ومجتمعية وتنموية والذهاب بها للمؤتمر الوطني، وإلا فإن اللغط سيشتد أكثر، والاتهامات ستتفاقم، وهو ما سيجعلنا بعد المؤتمر في وضعية هشاشة غير مسبوقة.
إن ما يقع الآن لا يمكن حصر آثاره في لحظة المؤتمر، وإنما ستمتد جروحه لما بعده بشكل أخطر بكثير مما نتصور.
وخطورة هذه الآثار قد تصل إلى تقاطبات داخلية ستجعل الأمين العام المقبل، أياً كان، أمام حزب منقسم على نفسه.
فهل نرضى لحزبنا هذا المشهد بعد المؤتمر المقبل لا قدّر الله؟
وهل نرضى بالاستمرار بالانغماس في الشأن التنظيمي بدون رؤية مؤطِّرة ومحددة للتوجهات الكبرى المتفق عليها؟
ما يخيفني أن الأمانة العامة بدت غير قادرة على التوافق حول منهجية واضحة للعمل السياسي منذ وقت طويل، والأخطر أنها كمؤسسة لم تعد قادرة على صياغة مشروع سياسي متوافق عليه.
لذا تبدو الحاجة ملحّة لفتح نقاش داخلي حول التوجهات السياسية والاختيارات الكبرى التي تسمح بتأطير عمل الحزب، لأن المؤتمر يجب ان يخرج بأطروحة سياسية ومجتمعية وتنموية، عِوَض أن يخرج بجروح قد لا تندمل، وقد تؤثر سلبا على المسار العام للحزب برمّته.