
محمد العمراني
إلى وقت قريب كان الانضباط و الإلتزام هما القوة الضاربة لحزب العدالة والتنمية، وخاصة بمدينة طنجة، الذي يعتبرها أحد معاقله الوطنية، لكن يبدو أن مياها كثيرة اخترقت تماسك وتعاضد الجسم الحزبي منذ تسلم الحزب مقاليد تدبير شؤون المدينة عقب اكتساحه للانتخابات الجماعية ليوم 4 شتنبر 2015.
لقد لاحظ الجميع حجم التراخي الذي أصاب مستشارات ومستشاري الحزب بمجلس المدينة، ولعل العزوف عن الحضور في دورات المجلس، وعدم اكتمال النصاب في اجتماعات اللجان أبلغ دليل عن مستوى الإحباط الذي بات يتملك الأخوات والإخوان، بسبب العجز الفادح لعمدة المدينة وفريقه المساعد في تنزيل التزامات الحزب ووعوده تجاه الساكنة.
يوم الخميس ما قبل المنصرم، (22 نونبر)، عقد فريق العدالة والتنمية اجتماعا خصص لتقييم أشغال دورة أكتوبر، وتجديد هياكل الفريق. وعلى الرغم من أن البيان الصادر عن اللقاء حاول تسويق صورة الفريق المتماسك، والمنسجم، والملتف حول عمدة المدينة، فإن الاجتماع أكد بالملموس أن الأمور ليست على ما يرام داخل بيت المصباح بطنجة.
فمن أصل 49 عضوا يشكلون الفريق، كشفت مصادر متطابقة أن الذين حضروا الاجتماع لم يتجاوز 19 عضوا، وهذا يعني أن عدد الغائبين قارب الثلثين. أكثر من ذلك فإن رئيسا مقاطعتي المدينة والسواني، والعديد من نواب الرئيس والمقاطعات، ورؤساء اللجان لم يحضروا اللقاء، مما يطرح أكثر من علامات استفهام حول الأسباب الحقيقية التي دفعتهم للمقاطعة.
الأفدح من ذلك، هي نتيجة التصويت على رئيس الفريق، حيث فاز محمد بوزيدان، رئيس مقاطعة مغوغة ب 8 أصوات فقط من أصل 19 الحاضرين، فيما حصل مصطفى بن عبد الغفور على سبعة أصوات، وكشفت التصويت عن نتيجة مدوية، عندما حصل قيادي نافذ بالحزب على صوت واحد.
هاته النتيجة بقدر ما تضع شرعية بوزيدان، كرئيس للفريق الذي يتوفر على الأغلبية المطلقة بمجلس المدينة، موضع تساؤل وتجعله في موقع ضعف، بقدر ما تؤكد أن مستشاري حزب المصباح بطنجة فقدوا ثقتهم في إمكانية التجاوب مع مطالب الساكنة، والوفاء بالوعود التي قطعوها على أنفسهم خلال الحملة الانتخابية، ناهيك عن التذمر السائد في صفوف العديد منهم بسبب ما يعتبرونه احتكارا لبعض المحظوظين بالمناصب والامتيازات، وهو التذمر الذي زادت حدته عندما أخلف مسؤولو الحزب وعودهم بوضع حد للتنافي في الجمع بين المسؤوليات وفسح المجال أمام طاقات جديدة لتحمل المسؤولية.
ومن الواضح تماما أن حالة الإحباط والتذمر السائدة في صفوف مستشارات ومستشاري الحزب الأغلبي، تؤشر على بداية تصدع بين صفوفه. وللتغطية على هذا المأزق لجأ كبار الحزب المستفدين من ريع المسؤوليات والمناصب بمجلس المدينة إلى افتعال الصراع مع الوالي اليعقوبي، لقناعة منهم أن خلق عدو خارجي سيدفع الحزب من جديد إلى توحيد الصفوف وتجميد الخلافات الداخلية إلى ما بعد الانتصار في المعارك الانتخابية المقبلة.