أخبار سياسية

إلياس العماري.. نهاية “الروليت” السياسي بالمغرب

السبت 28 سبتمبر 2019 - 15:37

إلياس العماري.. نهاية “الروليت” السياسي بالمغرب

طنجاوي – يوسف الحايك

تنحٍ، أو هزيمة، أو هروب إلى الأمام، أم هي توصيفات مجتمعة تلخص مغادرة إلياس العماري، لكرسيه الوتير كأول رئيس لجهة طنجة تطوان الحسيمة في عهد دستور 2011، لأربع سنوات وخمسة عشر يوما بالتمام والكمال.

سنوات بزغ فيها نجم رجل أفلح في ما لم ينجح فيه رفاقه أو على الأصح رفيقه بالمفرد لا الجمع، الريفي حكيم بنشماش لسنوات، بأن جعل من انتمائه الجغرافي بطاقة عبور تارة وورقة ضغط واستغلال وابتزاز تارة أخرى، بعباءة السياسي مرة، وبقبعة الحقوقي مرات ومرات.

العماري، وإن لم يكن بتلك الكاريزما التي تجعل منه رجل سياسة بمعناها الأكاديمي، بيد أن حضوره الطاغي على الساحة جعل منه أحد دهاقنة الشعباوية في التاريخ السياسي المعاصر بالمغرب، إلى جانب خصومه بدأ بصاحب التقاعد المريح في حزب “المصباح” عبد الاله ابن كيران، وليس انتهاء بالنقابي صاحب الحمار قبل الفرار حميد شباط في حزب “الميزان”، وقد روض الرفاق قبل أن يقود طوعا جرارهم المعطوب مذ مستهل 2016.

زعامة العماري، لرفاق “الجرار” أعقبتها سقطة انتخابية مدوية أمام الغريم عبد الاله بنكيران في انتخابات أكتوبر 2016.

وبما أن المصائب لا تأتي فرادى كما قال العرب، فإن نزيف جرح العماري السياسي زاد مع اشتعال أحداث الحسيمة، ليجد الرجل نفسه بين فكي كماشة لم يجد من سبيل للنجاة منها إلا الاستقالة من قيادة الأمانة العامة للحزب، التي ما كان لها لتدوم أكثر من سنتين أو تزيد بقليل، ليغادر وهو يجر أذيال خيبة الهزيمة، ووزر فشله الذريع في تدبير أزمة أحداث الحسيمة، التي كانت وبحسب متابعين سببا في إجباره على الاستقالة. 

وعلى عكس ما يحاول البعض تصويره، يقول العارفون بخبايا الأمور استقالة العماري اليوم من رئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة، لم تكن بالمفاجئة بالنظر لما سبقها في الأيام القليلة الماضية من مؤشرات وأسباب نزول.

ولعل من البوادر الواضحة لاستسلام العماري وتسليمه لمفاتيح الجهة، تأجيل الدورة العادية للجنة الاشراف والمراقبة لوكالة تنفيذ المشاريع بجهة طنجة تطوان الحسيمة.

وقالت أمال وحيد مديرة الوكالة في بلاغ لها أمس الأول الخميس (26 شتنبر)، إن القرار جاء “بعد موافقة رئيس اللجنة، تأجيل عقد الدورة العادية للجنة التي كانت مقررة يوم 27 شتنبر 2019، وذلك لعدم تمكنها من إعداد الميزانية التعديلية عن سنة 2019، موضوع جدول الأعمال، نتيجة تأخر أشغال لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة للمجلس التي لم تنه أشغالها إلا بعد زوال هذا اليوم”.

خطوة، رأت فيها مصادر من داخل المجلس أنها استبقت قرار المقاطعة الذي اتخذه اعضاء لجنة الاشراف والمراقبة المنتمين للأغلبية احتجاجا على مديرة الوكالة.
وأشارت المصادر ذاتها على أن التأجيل جاء ليؤكد “حالة البلوكاج الذي بدأ يعرفه مجلس الجهة، خاصة بعد إعلان مكونات الأغلبية رفضهم الأسلوب الذي يتم به تدبير الجهة، لاسيما وأنهم باتوا يشعرون وكانهم أشباح، إذ لا يتم إشراكهم في القرارات التي تتخذ، حيث تطبخ بعيدا عنهم، ناهيك عن أسلوب الاحتقار ألذي يعاملهم به الرئيس إلياس العماري”، كما أن مكونات الأغلبية ضاقت ذرعا بتصرفات مديرة وكالة تنفيذ مشاريع الجهة، أمال وحيد، التي تتعامل بعجرفة مع أعضاء المجلس المنتمين للأغلبية، وصلت حد رفضها استقبالهم بمكتبها، مستقوية بالدعم الذي تلقاه من الرئيس إلياس، وبما تدعيه من علاقات وثيقة مع مسؤولين نافذين، ويتساءل الغاضبون عن الدور التقريري الذي باتت تلعبه أمال وحيد، والتي أصبحت تحل محل مجلس الجهة، والحال ان الوكالة هي أداة لتنفيذ قرارات مجلس الجهة. كما يسجلون باستغراب كبير كيف ان المديرة تحابي الاعضاء المنتمين لحزب العدالة والتنمية، حيث لاتكاد ترفض لهم طلبا، وكأنها تتفادى إغضابهم، لأنها تعرف جيدا شراستهم قي الدفاع عن مطالبهم، وقدرتهم على إيقافها عند حدها. .

أزمة الوكالة سبقتها صفعة قوية تلقاها العماري من سلطة الداخلية، ممثلة في محمد مهيدية، والي الجهة، الذي رفض المصادقة على جدول أعمال دورة أكتوبر المقرر عقدها يوم الاثنين (7 أكتوبر) أكتوبر المقبل.
وعلل الوالي قراره بكونه توصل بجدول أعمال الدورة خارج الآجال المنصوص عليها قانونا.

فهل كان قرار الوالي، رصاصة الرحمة التي أجهزت على مسار العماري السياسي، وأوقفت مناوراته بعد سنوات جعل فيها من نفسه الرقم الصعب في لعبة “الروليت” السياسي بالمغرب عموما وبجهة طنجة تطوان الحسيمة على وجه الخصوص؟!.