أخبار من الصحراء

حتى لا يصبح قصر بلدية طنجة مؤسسة بكماء!…

الثلاثاء 15 ديسمبر 2015 - 09:23

حتى لا يصبح قصر بلدية طنجة مؤسسة بكماء!…

محمد العمراني

بحلول يومه 15 دجنبر الجاري، يكون البشير العبدلاوي، القيادي بحزب العدالة والتنمية، قد أكمل 90 يوما على دخوله قصر بلدية طنجة، عمدة للمدينة، وتحمله مسؤولية تدبير شؤون طنجة الكبرى، بعد غزوة انتخابية قادت حزب المصباح إلى اكتساح غير مسبوق، أتى على الأخضر واليابس…

لن ننساق إلى تقليد الديمقراطيات العريقة، ونطالب العمدة العبدلاوي بحصيلة إنجازاته خلال هاته الفترة القصيرة جدا…

من سوء حظ العبدلاوي أن تصادف اعتلاءه كرسي العمودية مع انفجار احتجاجات غير مسبوقة لساكنة مدينة طنجة على غلاء فواتير أمانديس، لم تنطفئ إلا بعد تدخل ملكي صارم، وتوجيهات حازمة منه لرئيس حكومته ولوزير الداخلية…

طبعا ملف أمانديس متشابك ومعقد، وما يجب أن يُتخَذ بشأنه من قرارات تفوق صلاحيات مجلس المدينة، ولذلك لم يحاسب أحد الأسلوب الذي تعاطى به العمدة ومجلس المدينة مع شركة أمانديس…

لكن وللموضوعية أكْبرْنا في العبدلاوي سرعة تواصله مع الساكنة، ومع وسائل الإعلام عبر بلاغاته المتتالية، ومن خلال أريحِيَّته في التجاوب مع وسائل الإعلام الباحثة دوما عن الخبر…

وبقدر الارتياح الذي خلفه العبدلاوي، بأسلوبه التواصلي، بقدر القلق الذي صار يتملك وسائل الإعلام وهيئات المجتمع المدني من موقف الصمت الذي صار يركن إليه بخصوص العديد من القضايا والملفات التي خلقت نقاشا داخل المدينة، والحال أن الجميع يتطلع إلى معرفة موقفه منها، ومن خلاله طبعا موقف مجلس المدينة، المؤتمن على تدبير شؤون ساكنتها…

هناك أربع ملفات على الأقل اختار العبدلاوي التعاطي معها بلغة الصمت، يتعلق الأمر ب:

1- أسواق القرب الذي يجري إنجازها بأكثر من منطقة بالمدينة، كان أولها سوق أرض الدولة، وما خلفته عملية توزيع المحلات التجارية على المستفيدين من احتجاجات عارمة، ما تسبب في إغلاق السوق إلى يومنا هذا بعدما افتتحه الملك محمد السادس قبل أشهر…

فعلى الرغم من كون تدبير أسواق القرب هو من اختصاص مجلس المدينة، فإن العمدة ورغم كل ما يقال عن الأسلوب الذي يتم به توزيع الدكاكين، فإنه اختار الركون إلى الصمت وكأن الأمر لا يعنيه في شيء!…

2-  أشغال بناء نفق تحت أرضي بالملتقى الطرقي بني مكادة، على مستوى تقاطع شارعي الجيش الملكي ومولاي سليمان، حيث فوجئ الجميع ببداية الأشغال، وما نجم عنها من ارتباك كبير في حركية السير والجولان، وفي وقت انتظر الجميع أن يخرج عمدة طنجة ببلاغ يوضح فيه للساكنة ما يجري، اختار مرة أخرى لغة الصمت!…

3-  قبل أسابيع استفاقت ساكنة طنجة على تطويق حديقة ساحة الأمم، وانطلاق أشغال الحفر، في غياب أي يافطة تكشف طبيعة الأشغال الجارية، ليتأكد بعد ذلك أن الأمر يتعلق بانطلاق أشغال إنجاز نفق تحت أرضي، يندرج ضمن مشاريع طنجة الكبرى، والجماعة الحضرية من الناحية القانونية هي المسؤولة عن هاته الصفقة، ومرة أخرى لزم العمدة الصمت، في وقت تناسلت فيه التساؤلات، والجميع يريد أن يعرف ماذا يحدث بساحة الأمم، ومتى ستنتهي الأشغال، وهل تم اتخاذ جميع الاحتياطات التقنية لضمان سلامة المباني المجاورة؟…

كل هاته التساؤلات بقيت دون جواب من قصر البلدية إلى يوم الناس هذا!…

4- قبل أيام دكت الجرافات منارة البلايا، في إطار الأشغال الجارية لإعادة هيكلة كورنيش المدينة، المندرج ضمن مشاريع طنجة الكبرى، وحيث أن هاته المعلمة “شيدت إبان الفترة الدولية لحكم مدينة طنجة من أجل مراقبة الشاطئ البلدي و عقلنة ارتياده، وعلى الرغم من كون برج الشاطئ البلدي غير مصنف و مرتب ضمن المواقع الأثرية إلا أنه يشكل جزءا من الذاكرة الجماعية للمدينة، و يعتبر ضمن المباني التي تؤرخ لتاريخ المدينة الدولي، و القابل للاستثمار السياحي والثقافي” وفق ما ورد في بيان مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، بخصوص هذا الملف. ولذلك فقد أثار الكثير من الغضب في صفوف ساكنة المدينة، وهيآت المجتمع المدني، حيث يعتبر بيان المرصد تكثيف لمواقفها الرافضة لهاته الاعتداءات المتواصلة على  معالم طنجة ومآثرها التاريخية…

وهنا بالضبط انتظر الجميع أن يخرج عمدة المدينة عن صمته، ويصدر بيانا حول الموضوع، يكشف من خلاله موقف مجلس مدينة طنجة، المؤسسة التي اختارها السكان لتدبير شؤونهم، لكن العبدلاوي بقي وفيا للغة الصمت، حتى صارت الحكمة الوحيدة التي يتقنها!!!…

قد نتفهم من عمدة طنجة أن يلوذ بالصمت في العديد من الملفات والقضايا المتشابكة، لكن لا عذر له إطلاقا حينما يتعلق الأمر بقضية تهم معالم المدينة ومآثرها التاريخية…

العبدلاوي يعلم جيدا أن التواصل هو أحد مفاتيح التدبير الجيد للشأن المحلي، والصمت عن وعي أو بدونه قد يتم تفسيره على أنه تواطؤ ضد مصالح الساكنة…

ودرءا لأي شبهة لنا الأمل في أن يتجنب العمدة تحويل قصر بلدية طنجة إلى مؤسسة بكماء…