
محمد العمراني
هل كان لا بد أن يندلع حريق مهول كهذا الذي أتى على ما يفوق من 300 محل تجاري بسوق كاسبراطا، لنكتشف فجأة أن مدينة طنجة، القطب الاقتصادي الثاني بالمملكة، تعاني عجزا خطيرا على مستوى أداء القيادة الجهوية للوقاية المدنية؟..
ما حدث ليلة الأحد المنصرم، إن كان قد شكل فاجعة بكل ما في الكلمة من معنى ، بالنظر للخسائر الباهظة التي تكبدتها المئات من الأسر، كان مصدر رزقها الوحيد المحلات التجارية التي أتت عليها النيران عن آخرها، فإنه بالمقابل شكل فضيحة مدوية عرت الانهيار الشامل لمنظومة الدفاع المدني بمدينة يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة، وأصبحت الوجهة الأولى الجاذبة للاستثمار الوطني والدولي بالمملكة…
هل تستحق عروس الشمال لقب طنجة الكبرى؟…
بالقطع لا..
كيف لمدينة رصدت لها الدولة ما يزيد عن 800 مليار سنتيم لتأهيلها، لجعلها نموذجا حضريا غير مسبوق بالحوض الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، بل تتطلع لمنافسة كبريات المدن العالمية، وهي لا تتوفر على ما يكفي من التجهيزات والآليات المخصصة للتدخل في حالة وقوع كارثة لا قدر الله بهاته المدينة التي تحضىى بعطف ورعاية ملكية خاصتين، ويعشقها العالم؟!..
كيف لمدينة أصبحت محط تنافس من طرف كبريات المؤسسات الاستثمارية على الصعيد الدولي، وهي عاجزة عن توفير منظومة فعالة للوقاية المدنية، قادرة على التدخل في الوقت المناسب وبالفعالية المطلوبة؟!…
بالله عليكم..
حريق يندلع في أحد أكبر الأسواق بشمال المملكة، يضم أزيد من 3500 محل تجاري، يتطلب ما يناهز ساعة من الزمن لتصل أولى شاحنات الإطفاء إلى الموقع المنكوب، علما أن السوق يقع في وسط المدينة، ولا يبعد عن مقر القيادة الجهوية للوقاية المدنية بأكثر من 4 كلم؟!..
و المصيبة أن الشاحنات المحدودة التي تم رصدها لمواجهة هذا الحريق، وجدت نفسها عاجزة عن تنفيذ مهمتها، ليتم انتظار ثلاث ساعات أخرى حتى تصل فرق الإطفاء التابعة لمطار إبن بطوطة الدولي، لتقديم الدعم بالنظر لما يتوفرون عليه من تجهيزات متطورة بالمقارنة مع تلك التي تتوفر عليها الوقاية المدنية!…
كيف لمدينة تقدم نفسها قطبا حضريا يضاهي كبريات المدن العالمية لا تتوفر على ما يكفي من الآليات والتجهيزات والموارد البشرية الكافية للتدخل بالفعالية المطلوبة عند وقوع أي كارثة؟..
من حق المواطنين أن يتساءلوا حول المعايير التي يعتمدها مسؤولو طنجة لتحديد الأولويات التي يعتبرون أن المدينة في أمس الحاجة إليه..
ألم يحن الوقت بعد لأن يقف القائمون على تدبير شؤون المدينة، منتخبون وسلطات عمومية، وقفة تأمل مع الذات لتحديد المتطلبات الحقيقية للمدينة وفق تشخيص موضوعي يحصر الخصاص الحقيقي على مستوى الحماية المدنية، بغية بناء منظومة متكاملة توفر لمدينة، من حجم طنجة، الحد الأدنى المطلوب لمنح ساكنتها الإحساس بالحماية والأمان؟..
تخيلوا لا قدر الله لو أن حريقا آخر تزامن مع حريق كاسبراطا في نفس التوقيت، هل يمكن أن نتخيل حجم الكارثة؟..
هل يستحضر المسؤولون القائمون على تدبير شؤون المدينة حجم الفضيحة التي كانوا سيجدون أنفسهم فيها حينذاك؟..