أخبار من الصحراء

كويمن يكتب: نار المسؤولية ودخان المساءلة

الأحد 9 يوليو 2017 - 15:45

كويمن يكتب: نار المسؤولية ودخان المساءلة

محمد كويمن

هل كان ضروريا إحراق الغابة الديبلوماسية من أجل الترخيص لشركة إماراتية لإحداث مشروع سياحي على الشريط الساحلي الأطلسي لطنجة؟، هل كان ضروريا إحراق غابة المنار لتفويت مساحة شاسعة تمتد إلى شاطئ الأميرات (بلايا بلانكا) لفائدة مجموعة استثمارية بحرينية؟، هل كان ضروريا إحراق غابة هوارة لتمكين القطريين من إقامة مشروعهم السياحي؟، هل كان ضروريا إحراق غابة مديونة لبناء فيلات ستار هيل؟، هل كان ضروريا إحراق غابة الرميلات لتفويت جزء منها لصاحب الميراج؟، وهل كان ضروريا…

طبعا لا دخان بدون نار، لكن طنجة حائرة بين النار والدخان، حين فقدت ما يكفي وأكثر من غطائها الأخضر بدون نارولا دخان، وبدون حساب و لا عقاب، ولم تكن في حاجة إلى الحرائق، لتتيح الفرصة للراغبين في تدمير حزامها الأخضر، ولو بحسن نية، بل في بعض الحالات كان الغزو الإسمنتي على الغابة يتم بمباركة الجميع، باسم تشجيع الاستثمار بالمدينة لخلق المزيد من فرص الشغل وتقوية بنيتها التحية السياحية، وكانت مجموعة من المشاريع استثنائية في كل شيء، ولا يقرب الحريق ملفات تراخيصها، كما لا يصل لهيبه إلى أصحابها، وسرعان ما يتعايش معها الرأي العام، لتتواصلعملية جرد الخسائر والبكاء على الرماد، بحثا عن الحريق..

ولعل طنجة المدينة، التي ظلت تحترق كالشمعة لتضيء من حولها، إلى أن احترق ما حولها، وتم حجب نورها، بفعل جرائم ارتكبها من تعاقبوا على تدبير شؤونها، حين استباحوا غاباتها وشواطئها ومواقعها الأثرية، ليستمر نفس المسلسل في إحراق هوية المدينة، بعدما تم الاكتفاء بتوجيه الدعوة إلى السكان لكي يتجنبوا أسباب الحريق ويمتنعوا عن إطعام “الحلوف”، وكأن هذا ما سيحمي الغابة إذا ما تقرر تفويتها؟..

وطنجة لها ذكريات غير سارة مع تصاميم التهيئة، وهو ما يجعل حماية ما تبقى  من المواقع الغابوية للمدينة، يقتضي فرض قانون صريح وواضح يحرم البناء في تلك المناطق، وينص على تحويلها إلى محميات طبيعية، مع الحرص على إدراجها ضمن ملك الدولة، من أجل الاستفادة منها كفضاءات خضراء ترفيهية، لتواكب أوراش طنجة الكبرى، وإلا ستبقى دائما مهددة، ومصيرها مجهولا كعادة أسباب الحريق، في انتظار إخماد نار المسؤولية وتصاعد دخان المساءلة..