
محمد كويمن العمارتي٭
تأثرت طنجة كثيرا بالمخدرات، وارتبط اسمها أكثر من غيرها بالتهريب الدولي، وربما هذا الأمر يبدو أكثر من عادي بحكم موقعها الجغرافي باعتبارها مدينة البحرين، لكن ما لم يكن عاديا استمرار انخراط أموال المخدرات في دعم الفساد بالمنطقة، بعدما ظلت رائحة الحشيش تنبعث من أطباق مختلف المجالات الحيوية تحت أنظار سلطة الوصاية، وصار للمخدرات من يمثلها بشكل مباشر أو غير مباشر بالمجالس المنتخبة، وطبعا القانون فوق الجميع كما يقال، والجميع يطالبون بمحاربة المخدرات وفي نفس الوقت لا يرون مانعا في استغلال أموالها مع تفادي النبش في مصدرها..
وقد كان السادة العمال في مناسبة عيد العرش (3 مارس) يطالبون أباطرة المخدرات عن طريق سماسرتهم بالمساهمة في تمويل الاحتفالات بهذه الذكرى الوطنية، وأيضا يتم الاستعانة بأموال المخدرات كلما تطلب الأمر حاجة السلطة لتغطية بعض مصاريفها في تنظيم أنشطتها “الوطنية” الخاصة والعامة، قبل أن يتم إعادة النظر في علاقة السلطة بالمخدرات بعد حملة سنة 1996، حين تم تقديم لائحة جاهزة لعدد من المهربين من أجل متابعتهم أمام القضاء، تلتها حملة “معاقبة” مجموعة من المسؤولين الأمنيين وموظفين بالإدارة الترابية، وهكذا أضحت الحرب على المخدرات كالحرب ضد الجفاف وضد الفقر و…، دون توفير أي إجابة حول نتائج هذه الحروب، التي تشنها أجهزة الدولة في كل موسم، فلاحي أو انتخابي، لا فرق، فقط أضحى للسياسة طعما خاصا بأرصدة الحشيش، بغض النظر عن الحلال والحرام، فالمال لا دين له..
اليوم هناك من يغازلون المخدرات، كمنتوج وطني لا يمكن إنكاره بأي شكل من الأشكال، وسط كل هذه الأطنان المعدة للتصدير، سواء المحجوزة بالداخل أو التي تجاوزت الحدود بسلام، دون كشف أقنعة أصحابها، ولعل القضاء شاهدا على تداول ملفات كبيرة، في كل مرة يتحمل سائق الشاحنة وحده المسؤولية في مواجهة تهمة الحيازة والاتجار الدولي في المخدرات، كما تبقى فئة المزارعين الأكثر تضررا، مقابل ما يجنيه الأباطرة الكبار، الذين يساهمون في ترويج صورة البلاد “المحششة” بمختلف أرجاء العالم، ويحققون مطامح أصحاب القرار في إثبات وجودهم، بما يتطلب ذلك من ميزانية ضخمة، قد تكون مشبوهة، لكن للضرورة أحكام، فهذا لمصلحة البلاد والعباد، وربما حان الوقت لإدراج الحشيش المغربي كتراث إنساني عالمي، قد يكون هذا مطلبا حزبيا في حملة انتخابية..
٭عن أسبوعية لاكرونيك