
محمد العمراني
ينبغي الاعتراف أن منطقة الريف تعاني خصاصا تتفاوت حدته من مجال لآخر، جعلها تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة، ندد بها الساكنة خلال خروجهم، عقب مصرع محسن فكري، في رسالة واضحة إلى السلطات المعنية من أجل لفت الانتباه إلى هاته الوضعية، والمطالبة بإيلاءها ما تستحقه من اهتمام، رغم ما بذلته الدولة من جهود طيلة العقدين المنصرمين، انصبت أساسا على توفير مقومات إقلاعها، والتي صارت مع متطلبات الأجيال الصاعدة غير كافية، وتحتاج إلى مضاعفتها.
وبالاطلاع على معظم المطالب المعلن عنها من طرف الهيئات الحقوقية و نشطاء المنطقة، سنجدها متطابقة مع التوصيات التي أقرتها هيئة الإنصاف والمصالحة، في الباب المتعلق بإعادة الاعتبار لجميع المناطق التي عانت من الإقصاء والتهميش لأسباب سياسية، ومنطقة الريف من ضمنها.
إن المطالبة برفع التهميش عن منطقة الريف، وبالحق في توفير شروط إقلاعها اقتصاديا، وبتمكينها من مقومات تنمية اجتماعية مندمجة، لن تجد طريقها إلى التنزيل على يد من نصب نفسه وصيا على الجماهير، يعلم الجميع أنه أداة لتنفيذ مخطط يسعى لزعزعة استقرار المنطقة، يتم تحريك خيوطه من طرف جهات معادية للمغرب، بتحالف موضوعي مع أباطرة الاتجار الدولي في المخدرات.
فالبحث عن المداخل الحقيقية لتأهيل منطقة الريف اقتصاديا واجتماعيا يستوجب حوارا هادئا يشارك فيه الجميع (أبناء المنطقة، الدولة، الهيئات المنتخبة، المؤسسات المهنية)، من أجل وضع ميثاق متكامل لتحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي مستدام، يحدد التزامات وواجبات كل طرف.
وإذا كان من واجب الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في توفير مقومات تنمية مستدامة ترتكز على مبدأ العدالة المجالية، ومن واجب الهيئات المنتخبة استثمار مواردها في تجويد الخدمات المقدمة للساكنة، والإنصات لمطالبهم، والترافع من أجلها لدى المركز، وإذا كانت المؤسسات المهنية مطالبة بتسويق المؤهلات الاقتصادية للمنطقة والمساهمة في جلب الاستثمارات إليها، فإن من أوجب واجبات أبناء منطقة الريف المساهمة الفعلية في تنمية المنطقة، خاصة وأن الريف أنجب كفاءات على جميع المستويات: اقتصادية، أكاديمية، ثقافية، متواجدة في كل مناطق المغرب وبالعديد من الدول الأوربية، بل وتتحمل مسؤوليات على قدر كبير من التأثير في مواقع القرار، ولذلك لم يعد مقبولا أن لا يتحمل أبناء الريف مسؤولياتهم في تنمية وتأهيل منطقتهم، ولو من باب رد الدين الذي في أعناقهم.