مجتمع

كويمن يكتب: القضاء والقضاء

الإثنين 15 يناير 2018 - 17:32

كويمن يكتب: القضاء والقضاء

طنجاوي – محمد كويمن

كان الهدف في البداية، القضاء على الأسواق العشوائية، وصار الهدف في النهاية، بنفس لغة القضاء، لكن هذه المرة بالدعوة إلى اللجوء إليه (القضاء) لمحاكمة الأسواق النموذجية، وفي الحالتين معا يبقى القضاء في مواجهة العشوائي والنموذجي، وإن اختلف المعنى ما بين الرغبة في محاربة ظاهرة “الفراشة”، والحاجة إلى إعادة هيكلة وتنظيم مرفق تجاري، بلا ضرر ولا ضرار، بعدما تعالت أصوات الاحتجاجات والاتهامات، وانطلقت شرارة الصراعات لتصفية الحسابات، وغابت الجرأة في تحمل المسؤوليات، وكشف حقيقة الشبهات دون خلفيات، بغاية جعل المحاسبة من الأولويات.

وليس في الأسواق فقط، يصطدم القضاء بالقضاء، وتنفجر ألغام التدبير والتسيير، وتتساقط الأقنعة، ويتم فضح المسكوت عنه في العلاقة بين الأطراف المسؤولة والوصية والمتفرجة، بل لكل قطاع سوقه، ولكل مشروع سوقه، ولكل فساد سوقه، ولكل منصب سوقه، ولكل مواطن سوقه، كما ليس دائما كل من يدخل سوق رأسه فهو آمن، وإن كان الأمر يتعلق في نهاية المطاف بسوق كبير، الداخل إليه مفقود رغم علامات التشوير في نهايته، والخارج منه مولود رغم إشارة خطر الموت في بدايته، لكن حين تضيع فيه الحقوق، يتحرك الركود، ويتأجج غضب الجموع، بحثا عن مكسب مفقود بعد ضياع الوقت الموعود.

وكثيرا ما يتم ترديد عبارة “القضاء على الفساد”، وحين لا يتحقق هذا الشعار، يقال للمتضررين من هذا الفساد، عليكم اللجوء للقضاء إذا كنتم ترغبون في القضاء على الفساد، وغالبا ما يتم القضاء على القضاء، ويفلت في كل مرة الفساد كالشعرة من العجين، وطبعا هناك العديد من الذين يعانون من العجين في بطونهم، ولا تؤثر فيهم شعرة الفساد، بعدما تعايشت مع العجين، وصار القضاء عليها بين يدي القضاء على العجين.

وحين يطالب المتضرر بإنصافه يقال له: عليك باحترام القانون؟، وقبل ذلك يقول له نفس المسؤول الذي ألحق به الضرر، عليك باحترام نفسك، مع إضافة تلك العبارة الشهيرة، اعرف راسك مع من تتكلم، ثم يصطدم الاحترام بالقانون، ويتدخل القضاء ليذكر المتضرر بأن القانون فوق الجميع، دون أن يخبره بمصير الاحترام، هل من حق الجميع؟، بعدما يتم القضاء عليه باسم القضاء في سوق الفساد.