
طنجاوي – أبو آية
تميز العمل النقابي سابقا بصدقية الملفات المطلبية التي كان النقابيون يناضلون من أجلها، لأنها كانت تعكس شرعية مطالب أغلبية الشغيلة، حتى وان لم تكن منقبة أو تنتمي لنقابة أخرى.
اليوم ومع كامل الأسف، لم تبق الملفات المطلبية الحقيقية مطروحة للمفاوضات والمعارك النقابية عند بعض النقابات، بل أصبح الريع النقابي هو المهيمن على مسلكيات بعض الوافدين على العمل النقابي، وبات “النضال” قنطرة للتسلق وكسب الامتيازات.
ولعل أصدق مثال على هذا الانحراف النقابي، هو ما حدث يوم الثلاثاء 24 يوليوز الجاري، أمام مقر الوكالة الحضرية بطنجة، عندما دعت نقابة الاتحاد الوطني للشغل، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية، الى تنظيم وقفة احتجاجية للتنديد بما أسموه “المحسوبية” في توزيع المسؤوليات والمناصب. لكن وحيث ان هاته النقابة لا شرعية لها دخل الوكالة، بدليل استجابة بضع أشخاص يعدون على رؤوس أصابع اليد الواحدة من اصل ما يزيد عن 75 إطار وموظف، فقد لجأ مسؤولو نقابة العدالة والتنمية إلى تجييش عمال شركة أمانور، المعتصمين منذ مدة أمام مقر امانديس، وعمال فندق المنزه المغلق منذ أسابيع، بالاضافة الى مسؤولي بعض القطاعات النقابية الاخرى، وبطبيعة الحال تحت القيادة المباشرة للكاتب الجهوي لنقابة المصباح.
كل هذا الإنزال من أجل الضغط على مسؤولي الوكالة الحضرية لتمكين منتسبي نقابة الحزب الحاكم من “كوطتهم” في المناصب والترقيات، و لا بأس من الدوس على المعايير والضرب بنتيجة التباري عرض الحائط، ما دام الامر يتعلق بمنخرطي نقابة العدالة والتنمية، أما شعارات الشفافية والتكافؤ والنزاهة التي يرفعها وزراء الحزب فهي مفروضة فقط على عامة الشعب، ولا تسري على منتسبي الحزب والجماعة!.
ألم يسائل الكاتب الجهوي نفسه، قبل تجييش الأتباع، عن مدى مصداقية مطالب مريديه، الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة؟!،
و هل تعرضوا فعلا للحيف؟!،
وهل تساءل عن نوعية المناصب المتباري عليها ؟!،
هل تساءل عن المعايير المعتمدة في تقييم ملفات الترشح؟!،
وهل تساءل عن أسباب عدم نجاحهم في المباراة؟..
أم انه غير مهتم بعدالة موقفهم، بل ما يهمه فعلا هو نصرة بيادقه داخل الوكالة، ودعمهم للحصول على مبتغاهم، وإرغام مسؤولي الوكالة الحضرية على تحفيظ مناصب المسؤولية لفائدة أتباع نقابته كنوع من الريع النقابي، ومكافأة لهم على الخدمات الجليلة التي أسدوها للحزب والنقابة!..
ما وقع يوم الثلاثاء المنصرم يعتبر فضيحة نقابية بكل المقاييس، وتؤشر على تحول خطير في العمل النقابي داخل الادارات ومؤسسات الدولة، حيث بدا واضحا ان هناك توجه نحو اعتماد اساليب الضغط والابتزاز والبلطجة لتحقيق المطالب، وهذا ما ستكشفه الأيام القليلة المقبلة.