
طنجاوي – عبد الله الغول
كثير من الأحيان ما نجد انتقادات بالجملة للإدارات العمومية و المصالح الإدارية بمختلف تلاوينها، لكن نفس المنتقدين لا يفتحون أفواههم أبدا احتجاجا على الطريقة التي يتم بها إستقبال المواطنين لدى انجازهم لوثائق بطائق التعريف الوطنية، فالإبداع النضالي في مفهومه الجوهري هو ليس انتقادا لأجل مصالح معينة، بل هو دفاع عن الحق العام للمواطن وعن القيم الإنسانية النبيلة ولا يسكت أبدا عن انتهاك كرامة المواطن في علاقته بالإدارة، حيث يقف معهم ويعترض على الظلم والفساد وعن قمع الأبرياء وتحقيرهم واهانتهم.
فمن أبسط متطلبات إنجاز بطاقة التعريفية الوطني الوطنية التي من دونها تتعطل جميع أعمالك، شهادة السكنى، وهنا من الواجب الإشارة إلى أن مختلف الدوائر الأمنية المخصصة لإنجاز وثائق بطائق التعريف الوطنية بمدينة طنجة، لم تعرف زيارة ولو مسؤول حزبي أو برلماني من المدينة، ولا منتخبون محليون ولا إطار حقوقي، للوقوف على حجم معاناة المواطن اليومية الذي قد يضطر أن يقضي أياما جيئة و ذهابا من وإلى دائرة أمنية حتى ينجز ورقة بسيطة كشهادة السكنى، أو شهادة ضياع مثلا.
الدائرة الأمنية التامنة بطنجة، عقارب الساعة تشير الى التاسعة صباحا، أجساد مواطنين منهكة تتقاطر على مصلحة شواهد السكنى، شباب وشابات، عجائز و شيوخ يقفون في طابور طويل ولساعات داخل رواق ضيق، وقد يصل الطابور أحيانا حتى الدرج، يحملون في أيديهم أكواما من الأوراق حتى لا ينسوا ورقة و يضطروا الى العودة يوما آخر، ورغم ذلك نادرا ما تكون الأوراق كاملة فتعقيد الاجراءات الادارية يجعل تحصيل الأوراق الصحيحة أشبه بمتاهة.
دعونا نترك تعقيد الاجراءات الإدارية جانبا و نتكلم عن الشطط في استعمال السلطة التي وجدت أصلا لخدمة ورعاية شؤون المواطن، لكن جل رجال الأمن في الدائرة يلتجؤون الى العنف اللفظي تجاه أي مواطن تجرئ و سأل سؤالا بسيطا ولسان حالهم يقول من أنت حتى تكلمني أنا، ليس هذا فقط بل حتى في التعامل مع المواطنين في إطار تقديم خدمة إدارية لا ترى لا ابتسامة على محياهم ولا تعاملا باللتي هي أحسن. وإن منّ عليك المسؤول عن المصلحة و قبل منك أوراقك دون أن يطلب ورقة ناقصة أو ببساطة فاتورة ماء وكهرباء حديثة التاريخ، فعليك أن تنتظر وقتا معتبرا لا يحدده قانون معين، بل هو مرتبط بمزاج المسؤول، الذي قد تنتظر أن تصل الى مكتبه أحيانا لساعات طوال حتى تطيب قدماك ثم وبكل برود قد يرفض أن يقضي مصلحتك بحجة أنه قد استقبل ما يكفيه من وثائق المواطنين دهرا، فما يكون على هذا الأخير المغلوب على أمره إلا أن يعود أدراجه ويعاود الكرّة غذا لعل وعسى. وهذا دليل على إستهتار العاملين بالدوائر الأمنية بكرامة المواطنين.
وفي الأخير لا يفوتنا إلا أن نكون منصفين وموضوعيين في تناولنا لهذا الموضوع، خصوصا إذ علمنا أن هناك رجال أمن شرفاء نزهاء يعملون بجد وتفاني في صمت مطبق بدون ضجر ولا شكوى، وتجد الابتسامة لا تفارق محياهم في تعاملهم مع المواطنين، فلمثل هؤلاء يجب أن ترفع القبعة.