
طنجاوي – غزلان الحوزي
ذات يوم من سنة 2011، غادر عثمان بادة شاب مغربي وعمره حينئذ 16 سنة، متسللا تحت هيكل حافلة، في رحلة استغرقت 6 ساعات، إلى أن وصلت إلى بلدة فوينخيرولا (مالقا)، حيث قرر الخروج مضطرا من تحت الحافلة لأنه كاد أن يختنق، كان مكسوا بزيت المحرك ودخان الحافلة، لم يتمكن من مواصلة الرحلة إلى مدريد أو برشلونة خوفا من أي يصل ميتا بسبب الاختناق.
ليبدا كتابة فصول جديدة من رحلة حياته، وها هو اليوم يستعد لدخول الجامعة في الموسم المقبل.
في حديث له مع وكالة الأنباء الاسبانية (إ ف ي)، يحكي بادة أنه مباشرة بعد أن وطئت قدماه إسبانيا تمكن من التعرف على نفسه، وتحديد ما يريده بالضبط، كقاصر أجنبي غير مرافق، موضحا أنه كان طفلا متمردا لأنه فقد الأمل في بلده بسبب المشاكل التي كان يعيشها في بيته، وظروف الحياة الصعبة التي أجبرته إلى اتخاذ قرار الهجرة نحو وجهة مجهولة.
عاش متنقلا بين مركزين لإيواء القاصرين، و في سن 21 خرج من المركز، قضى أياما في الشارع قبل أن يلتحق بإقامة خاصة بالأشخاص بدون مأوى، ثم استأجر غرفة مدة سنة، وخلال تلك الفترة اقترحت عليه جمعية بمالقا متابعة دراسته، ليلتقط هاته الفرصة، حيث تابع دراسته بنجاح إلى أن حصل على شهادة البكالوريا هذه السنة، ليصبح بذلك أول طالب جامعي في تخصص التربية الاجتماعية تحت وصاية وإشراف من جمعية مالقا.
يقول بادة إنه اختار هذا التكوين لأنه يرغب بالعمل مستقبلا مع القاصرين قصد توجيههم كأخ أكبر لهم، بحكم تجربته الشخصية التي عاشها، فبنظره قبل “الحكم على القاصرين يجب التعرف عليهم”، ويضيف مدافعا “يجب إعطاءهم فرصة”، لأنهم شباب يجب الاستثمار في مواهبهم من خلال تكوينهم ومساعدتهم على الاندماج، لكي يصبحوا مواطنين صالحين” هكذا ختم عثمان حديثه، وهو اليوم حديث الصحف الاسبانية التي عنونت قصته ب : (من “MENA” -وهي تسمية تطلق على الأطفال المغاربة غير المصحوبين- إلى طالب جامعي).