أخبار دولية

المكسيك-الولايات المتحدة.. “أزمة” جديدة تلوح في الأفق بسبب القيود الجمركية

الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 - 12:58

المكسيك-الولايات المتحدة.. “أزمة” جديدة تلوح في الأفق بسبب القيود الجمركية

 عاد التوتر بين المكسيك والولايات المتحدة إلى الواجهة، مؤخرا، بعد تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمائة على كافة الواردات المكسيكية.

ورغم أن ترامب يبرر هذه السياسة بمكافحة الهجرة غير القانونية وتهريب المخدرات وتشديد المراقبة على الحدود في الوقت الراهن، إلا أن هذا النهج يذكر، حسب المراقبين، بفترة ولايته الرئاسية الأولى (2017-2021)، عندما لجأ إلى سياسات حمائية مشابهة.

+ بدايات “الصراع الجمركي” +

في ماي 2019، كان دونالد ترامب قد هدد بفرض رسوم جمركية تدريجية على صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة، ورفعها من 5 إلى 25 بالمائة.

هذا الإجراء شكل آنذاك وسيلة لدفع مكسيكو لاتخاذ تدابير أكثر صرامة لمواجهة تدفقات الهجرة غير النظامية، وهو ما استجابت له الجارة الجنوبية بتشديد الإجراءات الأمنية على الحدود، وتجنبت تطبيق الرسوم بشكل كامل.

كما أن فترة ولاية ترامب الأولى شهدت فرض تعريفات جمركية جزئية على الواردات من المكسيك وكندا في إطار إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، قبل إبرام اتفاقية جديدة ت عرف بـ”اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا” في عام 2020.

ورغم تحقيق توافق حينها، إلا أن المبادلات التجارية ظلت عرضة للتوتر مع استمرار المخاوف والضغط الأمريكيين بشأن الهجرة وتهريب المخدرات.

+ خلفيات “الصراع” التجاري.. +

يرى المراقبون أن “الرسوم الجمركية” تعد وسيلة “فعالة” في إطار سياسة ترامب تجاه المكسيك، التي يعبرها آلاف المهاجرين سنويا صوب الولايات المتحدة، وأداة أيضا لحشد الجهود ضد كارتلات المخدرات التي تتهمها واشنطن بالمسؤولية عن “إغراق السوق الأمريكية بمخدر الفنتانيل وأصناف أخرى”، لها تبعات اجتماعية واقتصادية.

في رد فعلها على تصريح الرئيس الأمريكي المنتخب، أكدت الرئيسة المكسيكية، كلاوديا شينباوم، أن “أي رسوم جمركية أمريكية ست قابل بالمثل”، في استمرارية لسياسات سلفها اليساري، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الذي شهدت فترة ولايته توترات مع واشنطن في عدة مجالات، لاسيما الطاقة والهجرة والأمن الحدودي.

+ التبعات الاقتصادية.. أرقام ت برز حجم المخاطر +

في سنة 2023، كانت المكسيك ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، بمبادلات بقيمة 780 مليار دولار.

يمثل الصراع الجمركي تحديا كبيرا للاقتصاد المكسيكي، الذي يعتمد بشكل كبير على السوق الأمريكية. إذ ت شكل الصادرات نحو 40 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للمكسيك، وت وج ه 80 بالمائة منها إلى الولايات المتحدة بما يفوق 450 مليار دولار. لذا فقد يؤدي فرض رسوم إضافية إلى ارتفاع التكاليف على المستهلكين والشركات بكلا البلدين.

ترى الخبيرة الاقتصادية المكسيكية، غابرييلا سيلر، أن تطبيق رسوم جمركية على صادرات المكسيك قد يدفع الشركات الأجنبية إلى مغادرة البلاد بسبب ارتفاع المخاطر، وهو ما قد ي عر ض الاقتصاد المكسيكي لخطر الركود ويزيد من معدلات التضخم، معتبرة أن المخاطر المحتملة على المكسيك أكثر منها على الولايات المتحدة.

أما بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، فقد أشارت الخبيرة لدى المؤسسة المالية المكسيكية “بانكو بييز”، في تحليل نشرته صحيفة “إل إيكونوميستا”، إلى أن بعض القطاعات الهامة قد تتأثر أيضا بشكل كبير، ومنها الصناعات الكبرى، لاسيما صناعة السيارات والإلكترونيات التي تعتمد على سلاسل التوريد المكسيكية لتوفير قطع الغيار واليد العاملة المؤهلة وغير المكلفة.

تبرز أيضا، حسب خبيرة الاقتصاد المكسيكية، الضغوط التضخمية المحتملة في حال تطبيق الرسوم الجمركية على جانبي الحدود. إذ قد تواجه المكسيك، التي شهدت تضخما بلغ تجاوز 4.5 بالمائة في أكتوبر 2024، ارتفاعا أكبر إذا زادت تكاليف الاستيراد ورسوم التصدير. وبالنسبة للولايات المتحدة، التي تحاول احتواء معدل التضخم البالغ 3.8 بالمائة، فقد تجد نفسها أمام تحدي تباطؤ الإنتاج وارتفاع الأسعار على المستوى المحلي، وفق الخبيرة.

وفي ظل هذا التوتر، يرى المراقبون أن خيار التصعيد المتبادل، عبر فرض الرسوم الجمركية أساسا، سيضر بمصالح الجميع. فإلى جانب التأثيرات الاقتصادية المباشرة، قد ي فضي ذلك إلى تقويض التعاون في مواجهة التحديات المشتركة في المنطقة.