أخبار وطنية

“تحديات التشغيل في نهاية الولاية الحكومية: بين الوعود والواقع”

الجمعة 21 مارس 2025 - 21:20

“تحديات التشغيل في نهاية الولاية الحكومية: بين الوعود والواقع”

مع اقتراب نهاية الولاية الحكومية الحالية، يثار تساؤل جوهري حول مدى إمكانية تحقيق الهدف الذي وضعته الحكومة في برنامجها، والمتمثل في توفير مليون منصب شغل. ومع ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة وتسجيل عجز واضح في مناصب الشغل، أصبح تحقيق هذا الهدف أمراً مشكوكاً فيه.

وأكد عدد من الوزراء في الحكومة أن الظروف الراهنة تجعل الوصول إلى هذا الهدف بعيد المنال. وفي تصريحات حديثة، أشار وزير التجهيز والماء إلى أن التحديات الاقتصادية وسنوات الجفاف المتتالية حالت دون خلق فرص عمل جديدة بالشكل المطلوب.

وحسب البيانات الرسمية المتعلقة بحصيلة منتصف الولاية الحكومية، فقد تمكنت الحكومة من إحداث 300 ألف منصب شغل مستأجر خلال الفترة 2021-2022، و586 ألف منصب شغل خلال سنة 2023.

من جهتها، أفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن الاقتصاد الوطني تمكن خلال السنتين الماضيتين من إحداث 82 ألف منصب شغل، وذلك نتيجة إحداث 162 ألف منصب شغل في الوسط الحضري، مقابل فقدان 80 ألف منصب في الوسط القروي، بعد أن كان الاقتصاد قد فقد 157 ألف منصب شغل خلال السنة السابقة. كما أظهرت الإحصائيات أن عدد العاطلين ارتفع بـ 58 ألف شخص، ليصل إلى مليون و638 ألف عاطل، ما يمثل زيادة بنسبة 4 في المائة.

وفي هذا السياق، أوضح يوسف كراوي الفيلالي، الخبير الاقتصادي ورئيس أحد المراكز البحثية، أن تحقيق الهدف الذي وضعته الحكومة في بداية ولايتها بات أمراً مستحيلاً، مشيراً إلى أن العجز الحالي يقدر بحوالي مئة ألف منصب شغل.

وأضاف كراوي الفيلالي أن “مقارنة عدد الوظائف المستحدثة بعدد الوظائف المفقودة تكشف أن الحصيلة الإجمالية سلبية بمقدار مئة ألف منصب شغل خلال هذه الولاية الحكومية”. وأردف قائلاً: “لم يتبقَ سوى قرابة سنة واحدة على الانتخابات التشريعية، مما يجعل تحقيق هذا الهدف أمراً غير واقعي. وحتى مع الإجراءات المتخذة، مثل خفض نسبة الفائدة القاعدية وتحسن الظروف المناخية، فإن الحد الأقصى الذي يمكن بلوغه لن يتجاوز 200 ألف منصب شغل صافٍ في حال استمرت الدينامية الاقتصادية حتى نهاية العام”.

وأكد الخبير الاقتصادي أن “تحقيق الهدف المعلن عنه في البداية أصبح مستحيلاً، لكن تقليص العجز القائم وتحقيق حصيلة إيجابية تتراوح بين 100 ألف و200 ألف منصب شغل إضافي خلال هذه السنة سيكون بمثابة إنجاز مهم عند انتهاء الولاية الحكومية”.

من جانبه، صرح الخبير الاقتصادي محمد جدري بأن معدلات البطالة في الاقتصاد الوطني وصلت إلى مستويات قياسية، حيث تجاوزت نسبة 13 في المائة، ما يجعل تحقيق الهدف المعلن عنه أمراً بالغ الصعوبة، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بالجفاف وضعف أداء المقاولات الصغيرة والصغيرة جداً.

وأشار جدري إلى أن هناك عدداً من القضايا التي يجب معالجتها لضمان خلق فرص عمل خلال السنوات المقبلة، ومنها مشكلة ندرة المياه، التي أصبحت مصدر قلق كبير، ما يستدعي الإسراع في تنفيذ المخطط الاستراتيجي الخاص بالمياه الصالحة للشرب والري، والمقرر استكماله بحلول 2027.

كما أكد الخبير الاقتصادي أن الحاجة أصبحت ملحة لإيجاد حلول مستدامة في قطاع الطاقة، لتجنب التقلبات الناتجة عن ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط على المستوى الدولي. وأضاف أن دعم المقاولات الصغيرة جداً من خلال تسهيل ولوجها إلى الطلبيات العمومية، وتقديم التمويلات البنكية، والمرافقة اللازمة للنمو والاستقرار، يُعد عاملاً أساسياً لتحفيز التشغيل.

 

وشدد جدري على أهمية إصلاح مدونة الشغل وأنظمة التقاعد، إلى جانب معالجة الأنظمة الريعية، باعتبارها ملفات جوهرية يجب التعامل معها مستقبلاً. وخلص إلى أن “هناك خارطة طريق تهدف إلى تقليص نسبة البطالة من 13 في المائة إلى 9 في المائة بحلول 2030، غير أن تحقيق هذا الهدف يستوجب إصلاحاً عميقاً في الاقتصاد الوطني يشمل جميع العوامل المؤثرة”.