أخبار الجهات

الاستثمارات البريطانية في الصحراء المغربية: براغماتية اقتصادية ورسائل دبلوماسية

السبت 29 مارس 2025 - 23:49

الاستثمارات البريطانية في الصحراء المغربية: براغماتية اقتصادية ورسائل دبلوماسية

في خطوة تعكس نهج البراغماتية وتغليب المصالح الاقتصادية على الحسابات السياسية الضيقة، أكدت حكومة لندن، عبر وزارة الدولة المكلفة بالتجارة، أن ممارسة الأعمال والاستثمار في أراضي الصحراء المغربية قرار متروك للشركات البريطانية، وذلك في رد رسمي على استفسار برلماني.

وجدد دوغلاس ألكسندر، وزير الدولة المكلف بالأعمال والتجارة، في إجابته عن سؤال طرحه النائب جراهام ليدبيتر، عضو الحزب الوطني الإسكتلندي، تأكيد دعم بلاده للجهود التي تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف للنزاع حول الصحراء.

ويرى متابعون أن فتح بريطانيا المجال أمام شركاتها للاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمغرب يتجاوز كونه قرارًا اقتصاديًا بحتًا، إذ يحمل في طياته دلالات دبلوماسية ضمنية تشير إلى الاعتراف بالسيادة المغربية على المنطقة، كما يعكس إدراك صانع القرار في لندن للتحولات الجيوسياسية وأهمية الموقع المغربي من منظور اقتصادي واستراتيجي.

وفي هذا السياق، أوضح جواد القسمي، الباحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن “لندن تعبر عن موقفها ببراغماتية واضحة، من خلال إعطاء الأولوية للمصالح الاقتصادية دون قيود قد تعيق استثمارات الشركات البريطانية، وهو نهج يتماشى مع مواقف العديد من العواصم الغربية التي لا تميز بين الأقاليم الشمالية للمملكة وأقاليمها الجنوبية”.

وأضاف القسمي أن “هذا الموقف يعد اعترافًا غير رسمي بالسيادة المغربية، وإقرارًا بالإدارة الفعلية للمغرب على المنطقة، كما يعكس أن الأقاليم الجنوبية تعد منطقة مستقرة وآمنة، وهو عامل أساسي في جذب الاستثمارات، إذ لا يمكن للمملكة المتحدة السماح بالاستثمار في مناطق غير مستقرة أو غير شرعية”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “هذا التوجه يمثل إشارة إيجابية إلى أن العلاقات الاقتصادية بين المغرب وبريطانيا في تطور مستمر، وأن ما ينقص فقط هو اعتراف رسمي مماثل لما قامت به الولايات المتحدة وفرنسا”.

وأكد القسمي أن “السماح للشركات البريطانية بالاستثمار في الصحراء المغربية، رغم كونه قرارًا اقتصاديًا، إلا أنه يحمل دلالات سياسية مهمة، إذ لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة. كما أن هذا التوجه يعد بمثابة رسالة واضحة تميل إلى دعم الموقف المغربي في النزاع المفتعل، وتؤكد الاعتراف الضمني بالوضع القائم على الأرض”.

من جهته، يرى البراق شادي عبد السلام، الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع، أن “بريطانيا تتبنى موقفًا متوافقًا مع الرؤية المغربية بخصوص حل قضية الصحراء، وهو ما يظهر في تصريحات مسؤوليها ومواقفها داخل المحافل الدولية، حيث لم يسبق أن اتخذت لندن موقفًا معاديًا للمغرب في هذا الملف”.

وأضاف البراق أن “هذا النهج يعكس التزام بريطانيا بمبادئ العدالة والحلول السلمية التفاوضية للنزاعات الدولية”، مشيرًا إلى أن “المسؤولين البريطانيين يقدرون الدور الذي تلعبه المملكة المغربية في استقرار شمال وغرب إفريقيا، مما يدفع العديد من الفاعلين السياسيين في المملكة المتحدة إلى المطالبة باتخاذ مواقف أكثر انسجامًا مع الواقع الجديد الذي أرساه المغرب في الصحراء”.

وأكد الخبير ذاته أن “العلاقات المغربية البريطانية تشهد تطورًا متزايدًا في السنوات الأخيرة، كما أن المغرب، بنظامه الاقتصادي المستقر، أصبح وجهة جذابة لرؤوس الأموال البريطانية، التي ترى فيه بوابة للعودة إلى الأسواق الإفريقية”.

 

وختم البراق بأن “سماح بريطانيا لشركاتها بالعمل بحرية في الأقاليم الجنوبية للمغرب هو دليل آخر على نجاح الدبلوماسية المغربية في الدفاع عن الوحدة الترابية، من خلال مداخل اقتصادية وسياسية تعزز عدالة القضية الوطنية وتفند الدعاية المغرضة التي تروجها الجهات المناوئة”.