
شهدت جهة سوس ماسة خلال اليومين الماضيين نقاشاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، على خلفية تزايد ظهور مجموعات من المهاجرين غير النظاميين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء في عدد من المناطق، خاصة بمدينة أكادير وجماعة آيت عميرة بإقليم اشتوكة آيت باها. وقد تم تداول صور ومقاطع فيديو توثق لهذا التواجد المكثف، ما أثار تساؤلات متعددة بشأن آثار هذا الوضع على النسيج الديمغرافي للمنطقة، وجدوى استمرار السياسات المعتمدة في التعامل مع الظاهرة.
وفتح هذا التفاعل الافتراضي نقاشاً أوسع حول تحوّل المغرب من بلد عبور إلى بلد استقرار لعدد من المهاجرين، وهي تحوّلات أثارت ردود فعل متباينة، تراوحت بين الدعوات لفهم أعمق للديناميات الثقافية والاجتماعية لهؤلاء، وبين تعبيرات وُصفت بالعنصرية.
وقد ركزت بعض المداخلات على ظاهرة تحرك المهاجرين بشكل جماعي في مختلف أنشطتهم اليومية، معتبرة ذلك امتداداً للثقافة الأصلية التي يسعون إلى الحفاظ عليها وسط بيئة مغايرة. وهو الطرح الذي دعّمه عدد من المتخصصين، مؤكدين أن هذه السلوكيات تعكس انسجاماً طبيعياً بين الأفراد الذين يتقاسمون ظروفاً اجتماعية وثقافية مماثلة.
عبد الله مهماوي، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإقليم شتوكة آيت باها، شدد على أن احترام الحقوق الكونية يفرض التصدي لكل أشكال التمييز، مؤكداً أن فئة المهاجرين تضم ضحايا نزاعات واضطرابات سياسية في بلدانهم الأصلية. وأوضح أن أسلوب العيش الجماعي الذي يميزهم يعود إلى التقارب الثقافي وتشاركهم في ظروف معيشية متشابهة، داعياً إلى تجنب التعميم في تقييم تصرفات الأفراد.
وفي السياق ذاته، أكد الفاعل الحقوقي توصّل جمعيته بعدد من الشكايات التي تتهم بعض الأفراد المنتمين لهذه الفئة بأعمال مخالفة للقانون، ما يستدعي تدخلاً حازماً من السلطات المختصة دون أن يعني ذلك اعتماد مقاربة إقصائية تجاه الجميع، مشيراً إلى أن المغاربة أنفسهم يعيشون تجارب مماثلة في بلدان المهجر.
من جانبه، اعتبر خالد مونة، الباحث في قضايا الهجرة، أن التمركز الملحوظ للمهاجرين في مناطق معينة من المملكة ليس خاصاً بجهة سوس ماسة، بل يعكس تفاوتات ترابية تعيشها البلاد، وهو ما يخلق تحديات في ما يخص الاندماج والتأطير الاجتماعي. وأكد أن هذه الديناميات، رغم ما تحمله من فرص، لا تلقى غالباً استجابة كافية من قبل الفاعلين المحليين في مجالات السكن والخدمات الأساسية.
وأشار الخبير ذاته إلى أن هذه الفئات تحرص على الحفاظ على ثقافتها الأصلية وطقوسها، وهو أمر طبيعي، غير أن غياب سياسات عمومية فعالة لتدبير التنوع الثقافي يزيد من حدة التوترات وسوء الفهم، داعياً إلى تجاوز المقاربات الأمنية الصرفة نحو حلول شاملة تُراعي البعد الإنساني والحقوقي للظاهرة.