الرئيسية

بين الشكوك والحقائق.. ملف حكيمي يفتح النقاش حول نزاهة العدالة في زمن الشبكات الاجتماعية

الأحد 3 أغسطس 2025 - 16:50

بين الشكوك والحقائق.. ملف حكيمي يفتح النقاش حول نزاهة العدالة في زمن الشبكات الاجتماعية

يتواصل الجدل حول ملف الدولي المغربي أشرف حكيمي، في ظل التباين الكبير بين مجريات التحقيق القضائي والتسريبات الإعلامية، واحتدام النقاش العام بين من يعتبر القضية محاولة ابتزاز تستهدف النجم المغربي، وبين من يدعو إلى الدفاع عن حقوق النساء بعيدًا عن الأسماء والهويات.

ومع توالي الكشف عن رسائل نصية متضاربة وتباين في الشهادات، تجاوز النقاش حدود الإدانة أو البراءة، ليطرح سؤالًا أعمق حول مصداقية السرديات في عصر العواطف السريعة والأحكام المسبقة.

تحقيق صحفي حديث أجرته صحيفة “ليكيب” سلّط الضوء على مجموعة من الرسائل النصية المتبادلة بين المشتكية وصديقتها ليلة الواقعة، ما كشف عن خلفيات محتملة تعاكس السردية الرسمية، خاصة مع عبارات مثل “سوف نذهب لابتزازه” و”اذهبي بأسلوب المرأة الفاتنة” و”حاولي أن تحصلي على الكود”، والتي لم تُضمّن كلها في التحقيقات الأولية، بل ظهرت لاحقًا في إفادة الصديقة، ما عزّز موقف الدفاع الذي يتحدث منذ عام 2023 عن “محاولة ابتزاز ممنهجة”.

التقرير ذاته كشف أيضًا عن رسائل أُرسلت قبل ساعات فقط من اللقاء، تتحدث فيها المشتكية عن “تدبير الخطة” وتسمي اللقاء بـ”مغامرة مثيرة”، في تناقض واضح مع أقوالها الرسمية، مما يطرح تساؤلات حول التناقض بين الرواية الهاتفية والمضامين الرسمية للمحاضر.

من جهته، قدّم كيليان مبابي، زميل حكيمي في الملاعب، شهادة داعمة لصديقه، معتبرًا أنه رجل محترم لم يُعرف عنه أي سلوك جارح تجاه النساء، مشيرًا إلى أن هذا السلوك ظل محل نقاش بينهما في سياق تعقيدات الحياة تحت الأضواء.

على الصعيد النفسي، خضعت المشتكية لخبرتين متتاليتين. الأولى وصفت روايتها بأنها “صادقة ظاهريًا” لكنها تفتقر إلى مؤشرات الصدمة المعتادة، مضيفة أن “لغة المشتكية لا تعكس ضحية اعتداء بل شخصًا شعر بالإهانة أو بانعدام التقدير”. أما الثانية، فقد اعتبرت أن “التصور المسبق الذي حملته المشتكية عن اللقاء اصطدم بتصرفات لم تتوافق مع نواياها”، ما يوحي بأن التوتر نبع من سوء تفاهم أكثر منه من إكراه فعلي.

في ظل هذه المعطيات، يبقى الملف مفتوحًا ولم يصدر أي حكم نهائي بعد، لكن المؤكد أن القوالب الجاهزة تنهار تباعًا، بدءًا من البلاغ الشفهي دون تقديم شكوى رسمية، وصولًا إلى تضارب الشهادات وحجب بعض الرسائل، ناهيك عن غياب الدليل الطبي أو الشهود المباشرين، ما يجعل من أي إدانة مبكرة أمرًا محل تساؤل، وفق ما أشار إليه فريق الدفاع.

تتجاوز قضية حكيمي بعدها القضائي لتصبح مرآة لحالة عامة، يُصبح فيها المشاهير عرضة لأحكام مسبقة تُطلقها منصات التواصل، متجاهلة مبدأ التدرج وحق الشك المشروع. فكون اللاعب نجمًا لا يعني أنه مذنب أو بريء، لكنه يعني حتمًا أن معركته أمام القضاء محاطة بالكثير من الضغوط والروايات الجانبية.

ما يُطلب اليوم ليس إغلاق الملف ولا تبرئة غير مشروطة، بل ضمان شروط محاكمة عادلة كما تنص عليها القوانين الفرنسية والاتفاقيات الأوروبية، مع احترام مبدأ قرينة البراءة، لا باعتباره امتيازًا للمشاهير، بل حقًا أصيلًا لكل إنسان.

قد تنتهي القضية بالإدانة أو البراءة، لكن ما سيبقى مطروحًا هو سؤال النزاهة الإجرائية، وسؤال لا يقل أهمية: هل أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي سلطة موازية تفوق سلطة العدالة؟