
محمد كويمن
كان مجموعة من الأشخاص من مختلف الأعمار، يقفون مساء الأحد المنصرم، بجوار أحد الفنادق بشارع محمد السادس، يترقبون لحظةانطلاق حافلة سياحية، وبمجرد تحركها، صاروا يطاردونها وسط الشارع في موكب جماعي، ويتسابقون من أجل تسلقها، قبل أن يعود من لم يحالفهم الحظ إلى نفس المكان في انتظار حافلة أخرى.
مثل هذا المشهد، كان عاديا قبل ترحيل أنشطة ميناء طنجة المدينة إلى ميناء طنجة المتوسط، حين كان الكورنيش ملاذا للراغبين في تحقيق حلم “الحريك”،ينتظرون فرصتهم للاختباء بين هياكل الشاحنات والحافلات المتوجهة نحو الضفة الأخرى، لكن عودة هذه الظاهرة، إلى كورنيش طنجة الكبرى، بعد إطلاق عدة أوراش لتأهيل واجهة الشاطئ، في سبيل رسم صورة مغايرة لبوابة المدينة البحرية، التي كانت تحت سيطرة “الحراكة”، أضحى يثير الكثير من القلق، وأعاد من جديد وللمرة الألف طرح سؤال علاقة البشر بالحجر في تحقيق التنمية؟..
والمخجل أن عمليات “الحريك”، عبر محاولات التسلل لحافلات في طريقها نحو الضفة الأخرى، تتم بجوار “مارينا طنجة”، وهو المشروع، الذي أنجز ضمن أوراش إعادة توظيف المنطقة المينائية لطنجة المدينة،التي رصد لهاغلافا ماليا يصل 6،2 مليار درهم،وتسعى كما يقال لتعزيز موقع مدينة طنجة كوجهة مفضلة لسياحة الرحلات البحرية والترفيه على الصعيد الدولي،في الوقت الذي يصر فيه مجموعة من الشبان على تنفيذ مغامراتهم من أجل الوصول إلى التراب الاسباني ولو تحت عجلات الحافلات؟.
كيف يمكن تقبل إنجاز مشاريع كبرى باستثمارات ضخمة من أجل تأهيل المدينة، دون معالجة مشاكل مجتمعية عديدة،ظلت تعكس غياب مقاربة حقيقية للتنمية البشرية في مواكبة التنمية الحضرية؟، ولعل الكثير من الأوراش التي هي من صلب المبادرة الرامية إلى تحقيق التنمية البشرية، لا تلامس واقع فئات عريضة من المواطنين، حين يعتبرون أنفسهم غير معنيون بها، ولو أنها قادرة في بعض الحالات على خلق فرص شغل غير مباشرةللعديد منهم؟؟.
طنجة الكبرى تحتاج لحلول كبرى أيضا، لمواجهة مختلف الظواهر، التي تسيء للمدينة، في غياب استثمار حقيقي في البشر يعادل الاستثمار في الحجر، من أجل تنمية شمولية، يكون فيها المواطن شريكا فاعلا، ومؤهلا مع التأهيل الحضري..