أخبار جهوية

وقفة احتجاجية بطرفاية تثير الجدل: بين المطالبة بتحسين خدمات مرضى القصور الكلوي وصراعات شخصية

السبت 28 يونيو 2025 - 00:26

وقفة احتجاجية بطرفاية تثير الجدل: بين المطالبة بتحسين خدمات مرضى القصور الكلوي وصراعات شخصية

شهد إقليم طرفاية مؤخراً وقفة احتجاجية للتنديد بتردي الخدمات الصحية المقدمة لمرضى القصور الكلوي، وقفة انقسمت الآراء حول دوافعها ومشروعيتها. فبينما يراها البعض تعبيراً مشروعاً عن معاناة مستمرة لفئة هشة من المرضى، يعتبرها آخرون امتداداً لخلاف شخصي بين أحد العاملين في القطاع الصحي – خارج مركز تصفية الدم – والمندوب الإقليمي للصحة، تحوّل فيما بعد إلى حملة إعلامية وحقوقية موجَّهة ضد هذا الأخير.

لفهم هذا الوضع المركب، لا بد من الرجوع إلى ما قبل سنة 2019، حين كان مرضى القصور الكلوي في طرفاية مجبرين على التنقل بشكل دوري إلى مدينة العيون للاستفادة من حصص تصفية الدم. رحلة طويلة ومرهقة تبدأ منذ الساعات الأولى من الصباح ولا تنتهي إلا بعد الزوال، كانت ترهق المرضى صحياً ونفسياً، وتثقل كاهل المجلس الإقليمي مادياً ولوجيستياً، نظراً لضرورة توفير وسائل النقل والموارد بشكل منتظم ودون انقطاع.

وفي سنة 2018، وضمن خطوة جريئة، تم التوصل إلى اتفاق مشترك بين عمالة إقليم طرفاية والمجلس الإقليمي والجماعة الترابية، بشراكة مع وزارة الصحة، لبناء مركز لتصفية الدم، ساهم في إنجازه أحد المحسنين مشكوراً.

ومع حلول سنة 2019، تم تدشين مركز “المسيرة الخضراء لتصفية الدم” من طرف عامل الإقليم، لتبدأ مرحلة جديدة من التحديات، أبرزها توفير الموارد البشرية والتجهيزات اللازمة لتشغيل هذا الصرح الحيوي. ورغم محدودية الإمكانيات، إلا أن الجهود الجماعية للسلطات المحلية والمجالس المنتخبة والجمعية المشرفة على المركز نجحت في ضمان استمرارية العمل وجودة الخدمات.

وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال الإكراهات الهيكلية التي يعيشها القطاع الصحي وطنياً، وعلى رأسها النقص الحاد في الموارد البشرية وعزوف عدد كبير من الأطباء عن الالتحاق بالقطاع العام، رغم توفير وزارة الصحة للمناصب المالية والتسهيلات، وهو ما يضاعف الضغط على الأطر العاملة بالمراكز الصحية في الأقاليم البعيدة، ومنها طرفاية.

وفي قلب هذه المرحلة الدقيقة، برز اسم الدكتور عماد، الذي أشرف ميدانياً على انطلاق المركز، وظل يؤدي مهامه في ظروف صعبة، واضعاً مصلحة المرضى فوق كل اعتبار. ويؤكد العديد من المستفيدين وأسرهم أن هذا المركز غيّر حياتهم نحو الأفضل، وأنهم الأقدر على تقييم خدماته، بعد سنوات من المعاناة والانتظار.

كما أن صيت المركز تجاوز حدود الإقليم، نظراً لارتفاع عدد الطلبات التي يتلقاها من مرضى خارج طرفاية، ما يعكس الثقة في مستوى خدماته.

في ظل هذا السياق، عبّرت جمعية مرضى القصور الكلوي بطرفاية، في بيان استنكاري، عن رفضها القاطع لإقحام المرضى في صراعات شخصية لا تخدم مصلحتهم، معتبرة الوقفة الاحتجاجية الأخيرة فعلاً موجهاً لأغراض انتقامية لا علاقة لها بالمطالب الصحية المشروعة.

من جهتهم، شدد مسؤولو المركز والأطر الطبية العاملة فيه على ضرورة الاعتراف بالمجهودات الكبيرة التي تُبذل يومياً للارتقاء بالخدمات الصحية، مثمنين دور كل من ساهم في إنشاء واستمرارية المركز، من محسنين وسلطات محلية وأطر طبية، وعلى رأسهم الدكتور عماد، الذي تعرض لما وصفوه بحملة غير مبررة نتيجة تصفية حسابات شخصية.

ويبقى الإعلام مدعواً إلى نقل الصورة بموضوعية وإنصاف، والوقوف إلى جانب المبادرات التي تهدف إلى تحسين ظروف العلاج والرعاية، خاصة بالنسبة للفئات التي تعاني في صمت.