أخبار سياسية

الذيب حرام و مرقتو حلال!.

السبت 29 يونيو 2019 - 13:54

الذيب حرام و مرقتو حلال!.

محمد العمراني

جميعنا يتذكر كيف كان إلياس العماري قبل نهاية 2016 يعتبر خطا أحمر لحزب العدالة والتنمية، وزعيما لمحور الشر، ومحركا للعفاريت والتماسيح التي تخطط للإجهاز على تجربة الإخوان، وجميعنا لازال يتذكر الحرب الشرسة التي أعلنها حزب المصباح على إلياس العماري مباشرة بعد انتخابه رئيسا لمجلس جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، حتى أن عبد اللطيف برحو أرغمه بنكيران على تقديم استقالته من رئاسة لجنة المالية بمجلس الجهة، بداعي عدم التعامل مع إلياس، علما أن القانون التنظيمي 111.14 يعطي الحق للمعارضة في رئاسة هاته اللجنة!..

لكن يبدو أن مياها كثيرة جرت تحت الجسر، خلال السنتين المنصرمتين، فقد تغيرت الكثير من الأحكام والقناعات لدى حزب العدالة والتنمية، حتى أصبح إلياس العماري اليوم هو ملاذ إخوان العثماني بطنجة، و طوق نجاة مجلس المدينة الذي يسيرونه بالأغلبية المطلقة من الشلل، بعد أن صار عاجزا عن تنفيذ معظم التزاماته ومشاريعه بفعل الأزمة المالية الخانقة جراء تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بقضايا نزع الملكية، والتي يعتبرها الإخوان مؤامرة من طرف جهات في الدولة تستهدف تجربتهم “الرائدة” في تسيير شؤون المدينة!. 
يا لمكر التاريخ، 
إلياس الذي جعل منه حزب العدالة والتنمية العدو رقم واحد، و بنى عليه بنكيران حملته الانتخابية في 2015 و2016، مكيلا له أبشع النعوت، ومتهما إياه بأفظع الاتهامات وصلت حد التشكيك في ذمته المالية، بل وصل الأمر درجة كبيرة من الخطورة، عندما اتهمه بنكيران بالتآمر على الإسلام والمسلمين، ها هو ـ إلياس ـ اليوم أصبح مقصد الإخوان ومنقذهم، وبات العمدة العبدلاوي يتلهف للقائه كلما حل بطنجة!.. 
ها هم الإخوان اليوم يخطبون ود إلياس، لعله يجود عليهم بخزائن مجلس الجهة لتمويل العديد من مشاريع والتزامات جماعة طنجة، التي بات من المستحيل عليها أن تخرجها لحيز التنفيذ، ويكفي إلقاء نظرة خاطفة على جدول أعمال دورة يوليوز لمجلس الجهة، التي ستنعقد يوم الإثنين المقبل (فاتح يوليوز)، لنكتشف أن مجلس مدينة طنجة سيستفيد من ثلاث اتفاقيات بقيمة مالية تفوق ملياري سنتيم، تتعلق الأولى بتمويل دراسة تهيئة ساحة الثيران بمبلغ 800 مليون سنتيم، ونفس المبلغ أيضا تم رصده لبناء مركز التشريح “الجهوي”، فيما الاتفاقية الثالثة تهم المساهمة في تمويل مشروع منطقة مخصصة لاحتواء حرف الصناعة التقليدية الملوثة والمزعجة.. 
ناهيك عن اتفاقيات سابقة، نظير تمويل إنجاز معهد أحمد الوكيلي للموسيقى بملايين السنتيمات، وغيرها من الاتفاقيات التي يتم التحضير لها في القادم من الأيام ( المساهمة في استكمال بناء سوق الجملة للخضر والفواكه..). 
هذا، دون الحديث عن تمويل العديد من الأنشطة لفائدة الهيئات والمؤسسات الموازية لحزب المصباح، آخرها مهرجان الزواج الجماعي الذي نظمته جمعية كرامة، التي تترأسها وفاء بن عبد القادر، المرأة القوية رقم 2 في حزب المصباح بعد نعيمة بن يعيش.. 
المفارقة الخطيرة هو انه في الوقت الذي يغرف فيه الإخوة والأخوات بسخاء من مالية الجهة رغم تموقعهم نظريا في المعارضة، وفي الوقت الذي يتصرف فيه إلياس العماري كرئيس للجهة، ويتعامل مع جميع الجماعات الترابية من نفس المنطلق والمسافة بغض النظر عن اللون السياسي، نجد مسؤولي حزب المصباح يفرضون حصارا على منتخبي المعارضة، وفي مقدمتهم منتخبو الجرار، وحتى الذين يفترض أنهم شركاء لهم في التسيير، بمجلس المدينة ومجالس المقاطعات، بحيث لا يحق لأي عضو من غير المنتمين للمصباح التدخل لفائدة المواطنين لأجل الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجماعة والمقاطعات الأربع ( الإنارة العمومية، إصلاح الأزقة..)، وهذا يكشف تناقضا صارخا في تعاملهم مع باقي الفرقاء السياسيين، لا يجدون حرجا في التودد لأي جهة مادامت لهم فيها مصلحتهم، وفي نفس الوقت لا يترددون في إقصاء خصومهم وإعدامهم سياسيا متى سنحت لهم الفرصة!. 
وحيث أن الإخوان يجعلون من قيم الإسلام وتعاليمه السمحة نهجا ونبراسا لهم، فهم بالتأكيد يعرفون قول النبي العدنان “من لا يشكرِ الناسَ لا يشكرِ اللهَ”، فهل سيتحلون بالشجاعة للاعتراف بفضل إلياس عليهم؟!.. 
صراحة أشك في ذلك، 
لأن قناعاتهم وتكوينهم تجعل منهم أناسا أوفياء لنهجهم القائم على أكل النعمة وسب الملة، أو بحسب المثل الشعبي المغربي “الذيب حرام و مرقتو حلال”! .