
محمد العمراني
يبدو أن الإجماع الذي قاد فاطمة الحساني الى رئاسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، خلفا لالياس العماري، لم يكن مبينا على قناعة مشتركة بين الفرقاء السياسيين الممثلين بالمجلس، بقدر ما كان رغبة لكل طرف في تحقيق أكبر قدر من المكاسب الانتخابية لصالحه، وبالتالي كان من الوارد جدا أن يتفكك هذا “الإجماع” في أية لحظة.
المعطيات التي حصل عليها موقع “طنجاوي”، تؤكد أن حالة من الاحتقان والغليان تسود بين مكونات مكتب مجلس الجهة بسبب، ما اعتبرته مصادر متطابقة، التصرفات الهيمنية لسعيد خيرون ونبيل الشليح،نائبي رئيسة المجلس، المنتميان لحزب العدالة والتنمية.
وكشفت ذات المصادر، أن سعيد خيرون شرع في التصرف كشريك لفاطمة الحساني في منصب رئاسة مجلس الجهة، وأصبح يمنح لنفسه صلاحيات غير محدودة في تدبير شؤون المجلس، بل وصل الأمر حد إصراره على أن يكون له موطئ قدم داخل وكالة تنفيذ المشاريع، مستغلا في ذلك العلاقة الوثيقة التي تربط المديرة آمال وحيد بأعضاء فريق حزب العدالة والتنمية، حيث بات خيرون يتردد كثيرا على مبنى الوكالة، كما شرع في ممارسة ضغط رهيب على رئيسة مجلس الجهة لتعيينه عضوا في لجنة الإشراف والمراقبة المسؤولة عن تتبع أداء هاته المؤسسة، وهو الموقع الذي سيؤهله ليضع عينه على ملايير الدراهم التي ضخها المجلس في حساب الوكالة لتنفيذ جميع مشاريع وبرامج الجهة على مختلف المستويات.
هاته النزعة الهيمنية أزعجت كثيرا نواب الرئيسة المنتمين لأحزاب الاستقلال والأحرار والاتحاد الاشتراكي، حيث باتوا يستشعرون أنه في حالة صمتهم سيتحولون إلى مجرد متفرجين، لا سلطة لهم على ما يصدر عن مجلس الجهة من قرارات، والتي ستخدم أساسا حزب العدالة والتنمية.
مصادر متتبعة للشأن الحزبي بجهة طنجة، أكدت أن خيرون والشليح يعيشان تحت ضغط رهيب، حيث أنهما مطالبان بتحقيق مكاسب لفائدة الحزب، تبرر صواب قرار تحالف المصباح والبام بمجلس الجهة، والذي قادهما إلى منصب نائبي الرئيسة.
ما يزيد من حدة الضغوط عليهما، وفق ذات المصادر، هي التصريحات التي صدرت عن الشيخ بيد الله، المرشح بقوة لقيادة البام، والتي رأى فيها المراقبون مؤشرا واضحا على عدم استعداد حزب الأصالة لعقد أي تحالف مع العدالة بعد استحقاق 2021، حيث قلل بيد الله من آثار التحالف بين الحزبين على مستوى مجلس جهة طنجة، معتبرا الأمر مجرد تحالف محلي لتدبير الشؤون اليومية للمواطن، (إنارة عمومية، نظافة، تبليط الشوارع…).
وحسب ذات المراقبين فإن خيرون يبدو اليوم في وضعية حرجة داخل الحزب، حيث أصبح وكأنه باع الوهم لسعد الدين العثماني، عندما أقنعه بأن التحالف مع البام في مجلس الجهة سيجلب الخير العميم لحزب العدالة والتنمية، خلال ما تبقى من هاته الولاية الانتدابية، وستمهد لتحالف حكومي في 2021، سيكون من نتائجه المباشرة تحجيم طموحات أخنوش في قيادة الحكومة المقبلة.
لكن تضيف المصادر، أن المكسب الوحيد الذي تحقق إلى حدود اليوم من تحالف البام والعدالة هو أن خيرون والشليح بات يتوفر كل واحد منهما على سيارة مجلس الجهة، وتعويض شهري ب 15 ألف درهم لكل وأحد منهما، نظير مهامهما كنائبين للرئيسة.
وخلصت المصادر، أن الوضع بمجلس الجهة مرشح للمزيد من الاحتقان، خاصة في ظل إصرار باقي المكونات السياسية (الاستقلال، الأحرار، الاتحاد الاشتراكي..)، على عدم الركون إلى الصمت، والقبول باستمرار تحكم وهيمنة البيجيدي على قرارات مجلس الجهة مثلما كان عليه الحال في عهد إلياس العماري، في الوقت الذي لم يعد فيه لخيرون والشليح أي خيار سوى البحث عن مكاسب آنية وفورية لحزبهما، وإلا فإن نهاية مستقبلهما الانتخابي والسياسي ستكون حتمية، وبشكل مفجع.