
محمد كويمن العمارتي*
قد تكون الجرأة مطلوبة في الكثير من الأحيان، خاصة حين يتعلق الأمر باتخاذ بعض القرارات من منصب المسؤولية، طبعا مفهوم أعقلها وتوكل وليس بمنطق تسلق شجرة “الكرموس”، باعتبار أن العديد من الفرص تضيع في زحمة اجتماعات اللجن، حين تتشكل لجنة وتنبثق عنها لجنة أخرى ثم لجينة، وندخل في مسار توالد اللجن دون تحقيق المطلوب.
ولعل مخزون التوصيات، التي أنتجتها “مطارح”اللجن، يكفي لإعادة تأهيل المدينة في كل لحظة، لكن على الورق فقط، نتيجة غياب الجرأة في اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب أيضا، وغن كان البعض يرون أن الجرأة كالمغامرة، قد تجعل لقرارك طعما مميزا أو تجعلك طعما للآخرين..
وعلاقة طنجة بالجرأة، صارت خلال السنوات الأخيرة كعلاقة الوالي بالهدم، حين كان هذا الأخير جريئا في اتخاذ مجموعة من القرارات ساهمت في تغيير ملامح المدينة (الأذواق تختلف)، بعدما لم يتجرأ المجلس الجماعي على تفعيل اختصاصاته، بالرغم من جرأة أهل الانتخابات على طلب أصوات الناخبين بكل “سنطيحة”، ثم يتهربون من المحاسبة بكل جرأة..
إنه لشيئ جميل أن نتصدى للعشوائيات ونقوم بهدم البراريك بمنطقة مغوغة باسم القانون، فالأكيد أن ذلك الحي الصفيحي نشأ وترعرع تحت أنظار رجال السلطة، ولم يتجرأ الوالي على معاقبة كل من ساهم في من قريب أو بعيد في تشويه حزام طنجة الكبرى، المهدد بزحف شركات عقارية كبرى مختصة في إنتاج بناء عشوائي مرخص..
شيئ جميل أن يقال بأن الوالي أعفى مهندسه الخاص المكلف بأوراش طنجة الكبرى لأن هناك حديث عن “الابتزاز” في شكايات بعض المقاولات، والأجمل أن يعلن الوالي عن فتح تحقيق في الموضوع لكشف ما يجري في الصفقات الكبرى، من باب الجرأة في تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة..
شيئ جميل أن يفتح الوالي الحوار مع تجار السوق المركزي ببني مكادة، بعدما أشعرهم عبر العمدة بقرار إفراغهم من محلاتهم، والأجمل أن يتم الكشف عن لوائح المستفيدين من سوق أرض الدولة الجديد، ومحاسبة الجهة التي تسببت في تعثر إنطلاقة أول مشروع دشنه الملك ضمن أوراش طنجة الكبرى..
شيئ جميل أن نفتخر بمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ونسارع إلى إدراجها ضمن الأنشطة الملكية، والأجمل أن نحاسب الجهات المسؤولة عن تحول بعض المراكز المعنية بالشباب والمرأة والصحة إلى بنايات مهجورة..
شيئ جميل أن يكون هناك انسجام بين الوالي والعمدة، والأجمل أن تكون لهما الجرأة لمحاسبة بعضهما البعض من أجل مصلحة المدينة..
شيئ جميل أن تتوفر فينا الجرأة، والأجمل أن لا نتجرأ على إلحاق الضرر (المعنوي والمادي) بهذه المدينة، وتكون لنا الجرأة لمحاسبة أنفسنا، فلا أهمية للجرأة دون محاسبة..
*عن جريدة لاكرونيك الأسبوعية
