أخبار من الصحراء

الجماعة و “التفريط”

الأحد 26 فبراير 2017 - 11:35

الجماعة و “التفريط”

محمد كويمن العمارتي

قبل سنوات قليلة، كان الحديث عن تفويت مرافق جماعة طنجة، يعد “خيانة عظمى”، من وجهة نظر أهل المصباح، الذين كانوا يعتبرون لجوء المجلس إلى هذا الخيار بمثابة اعتراف صريح بفشله في تسيير شؤون المدينة، واليوم لا يتردد السيد العمدة، الرئيس السابق لفريق المعارضة بالمجلس الجماعي، في تبني جميع الأفكار، التي من شأنها التعجيل بمساطر “خوصصة” مرافق الجماعة، ولا يخفي حماسه في اعتماد هذه المنهجية في اقرب الآجال، حين أصبح ينظر من موقعه في المسؤولية إلى أقصر الطرق وأسهلها في مواجهة ما كان يعتبرها فضائح التدبير والتسيير بالجماعة، بل صار يوظفبالأساس مقاربة الربح والخسارة في اختيار آليات تدبير هذه المرافق، من خلال البحث عن مداخيل أفضل للجماعة بعيدا عن هواجس التسيير اليومي وإكرهات ضعف الإمكاناتاللوجيستيكية ونقص الموارد البشرية، وهي استراتيجية عمل يراها البعض منطقية لو اقتصر الأمر فقط على المعادلة المالية لبرمجتها على أرض الواقع، وإلا ما فائدة هذا المجلس المنتخب في غياب دوره نحو تقديم خدمات عمومية تراعي بالدرجة الأولى خصوصية المدينة وحاجيات ساكنتها، فإقدام المجلس على تفويت سوق الجملة والمحطة الطرقية والمجزرة والمحجزوالأسواق و…، سيحوله إلى وكالة جماعية،مهمتها استخلاص الأكرية، وقد تكون هذه أفضل طريقة لتجاوز المشاكل، التي تتخبط فيها مختلف مرافق الجماعة، لكن هل كان العمدة سيقبلها لو عاد للمعارضة للمطالبة بمحاربة الفساد وإصلاح مرافق الجماعة بما يلائم طموحات السكان؟..

ولعل أكبر خطر يتهدد المجلس الحالي، هو أغلبيته المطلقة، فكثيرا ما يجد الرئيس نفسه مضطرا للبحث عن مخاطب من خارج المجلس لإبعاد عنه”شبهة” الاحتكار الحزبي، ومع ذلك لا تتحقق المقاربة التشاركية المطلوبة من خلال مناقشة الخطوط العريضة لاستراتيجية العمل في تدبير الشأن المحلي، وفق برنامج تعاقدي متكامل، يعكس الرؤية المستقبلية لمختلف أوراش المدينة، وفي غياب ذلك، وفي ظل تمثيلية ضعيفة لمعارضة فقدت عذريتها، وأمام تدافع جمعيات المجتمع المدني بحثا عن الدعم المفقود،تبقى الأغلبية “معزولة”، وأحيانا لا تكون منسجمة مع بعضها في طرح مجموعة من القضايا، التي تهم طريقة تدبير مرافق الجماعة،فالرئيس لا يفرط في نائبه الأول وباقي النواب يبحثون عن أصل التفريط لإقناع الأغلبية بأن المكتب لن يفرط فيها، وربما لو كان المجلس في وضعية مالية مريحة كأغلبيته، لكان الأمر مختلفا حول نظرته ل”تفريط” الجماعة في مرافقها بين الأمس واليوم..

*عن أسبوعية “لاكرونيك”