
محمد العمراني
بعد تنطع وتحدي دام حوالي شهر، تؤكد كل المؤشرات الواردة من قصر بلدية طنجة أن العمدة العبدلاوي ونائبه القوي محمد أمحجور قد رضخا للتعليمات والتوجيهات الواردة في رسالة الوالي اليعقوبي، التي برر فيها قرار رفض وزارة الداخلية التأشير على ميزانية جماعة طنجة، وهي الرسالة التي اعتبرها العبدلاوي فضفاضة وغير مفهومة، فيما وصفها أمحجور بالإنشائية والتي لم تأت بجديد!!!.
طيب ماذا ورد في رسالة اليعقوبي “الانشائية”؟
1- اليعقوبي اعترض على عدم برمجة الاعتمادات الكافية لأداء الديون التي بذمة الجماعة لفائدة شركات التدبير المفوض (أمانديس، صولامطا، سييطا، لاماليف..)، والتي تفوق 24 مليار سنتيم..
2- اليعقوبي طالب الجماعة بضرورة بيع بغض عقاراتها لتوفير الاعتمادات المالية المطلوبة لأداء الديون وتغطية عجز الميزانية.
3- الوالي نبه الى عدم صدقية مداخيل الجماعة، خاصة فيما يتعلق بالضرائب المحولة.
هاته هي أهم مضامين الرسالة “الانشائية”و “الفضفاضة” التي انتفض ضدها الاخوان بطنجة، ورفعوا راية العصيان ضدها، وشنوا حربا شعواء على مستشاري (الاحرار والبام والدستوري)، وأطلقوا عليهم وصف معارضة ولاد زروال. في إشارة إلى أنهم مدفوعون من السلطة، أكثر من ذلك أصدر الاخوان بلاغات وعمموا تصريحات اتهموا فيها الوالي بالتضييق على تجربة البيجيدي بطنجة، وبالسطو على اختصاصات الجماعة!..
اليوم، وبعد الجلسة المغلقة بين العبدلاوي واليعقوبي، والتي جاءت إثر وساطة من رئيس الحكومة الذي دخل بخيط أبيض، وأسفرت عن عودة العلاقة إلى وضعها الطبيعي وهو الوضع الذي يجب ان يجمع بين هاتين المؤسستين، لكل واحدة منهما اختصاصاتها المكفولة بموجب القانون، فقد اقتنع العمدة العبدلاوي أن لا مناص من التنفيذ الحرفي لما تضمنته رسالة الوالي اليعقوبي، لسبب بسيط جدا، هو أنها تضمنت معطيات موضوعية وحقيقية، وان ما جاء فيها من اقتراحات هي المدخل الوحيد لإعداد ميزانية تخدم مصالح المدينة والساكنة.
وهكذا أعلنت جماعة طنجة عن بيع عقار مساحته 2146 متر بالمزاد العلني، كما قبلت جماعة طنجة ببرمجة أزيد من 7 مليار سنتيم لأداء ديون شركات التدبير المفوض، مع تصحيح تقديرات المداخيل.
المثير في القضية برمتها، هو أن منتخبي أحزاب الاحرار والبام والدستوري سبق لهم، خلال الدورة الاستثنائية التي انعقدت عقب رفض الميزانية، أن طالبوا العمدة ونائبه القوي بالتعامل الإيجابي مع رسالة الوالي، وتشكيل لجنة ممثلة من جميع الأحزاب وإعداد مقترح لتعديل الميزانية بالتنسيق مع مصالح ولاية طنجة، لكن الاخوان رفضوا هذا المقترح، وأصروا على التصعيد، معتبرين أن إسقاط الميزانية مؤامرة ضد الحزب وتضييقا عليه!!!.
لكن الفضيحة الكبرى هي أن معركة استعراض الاخوان لعظلاتهم، وتوزيع الاتهامات بالتخوين لمعارضيهم، انتهت بانبطاح مريع للعمدة ورجله القوي، حيث انصاعا لتوجيهات الداخلية، مما يدفع المتتبعين للشأن المحلي إلى طرح السؤال التالي: هل كان ضروريا أن يقود الاخوان جماعة طنجة إلى الباب المسدود، قبل ان يعودوا إلى جادة الصواب؟!!.