
٭محمد كويمن العمرتي
فجأة وبدون سابق إنذار، وقع “انقلاب”، مساء يوم الأربعاء المنصرم، على مستوى مقطع شارع السلام المتصل بشارع مولاي يوسف، بعدما عاين سكان المنطقة ومعهم المارة، مجموعة من الآليات وجحافل من العمال، تغزو شارع السلام، من أجل إعادة تهيئة أرصفته في أقل من 24 ساعة، وكيف تم تجييش العشرات من عمال الصباغة، الذين تسلقوا العمارات السكنية ليلا لصباغة واجهاتها قبل طلوع الفجر، كما كانت قطع العشب (كازو) تصل إلى عين المكان جاهزة على شكل طلبيات البيتزا، لكي تغطي المساحات الخضراء جنبات الشارع المعني دون معاناة الغرس والزرع، وجندت شركة أمانديس فريقا كاملا لتطهير مجاريها وصيانة أنابيبها وأسلاكها قبل وقوع أي عطب محتمل، وانتشر على طول موقع هذا الورش رجال السلطة، يبحثون عن الحفر والأزبال، أو أي شيء آخر من شأنه إزعاج السكان، فجميع الحلول كانت متوفرة، وقابلة للتنفيذ على الفور، دون الحاجة للبحث عن أي مسؤول أو صاحب الاختصاص، فقط الجميع كانوا يسعون إلى إعادة تأهيل هذا الشارع، لكي يصير بحلة جديدة وباسم جديد وفق الموعد المبرمج له ضمن الأنشطة الملكية لعيد العرش.
هذا المشهد يعكس سلطة الدولة، وهي تصر كلما أتيحت لها مثل هذه الفرص على تذكير المواطنين بقوة هذه السلطة ومدى فاعليتها، وقدرتها على إنجاز ما قد يعتبره البعض من باب المستحيلات، وهنا لا يسع المواطن إلا أن يبحث عن ظل الدولة، ويطلب “التسليم”، وقد يرى البعض أن مصطلح دولة المؤسسات، لا يليق في مثل هذه الحالات، فقط هي مؤسسة الدولة، بمفهومها الكلاسيكي، ويمكن جعلها بمنظور حداثي في خدمة الشعب، بل هي قادرة على تلبية مطالب هذا الشعب دون أن يطلبها، وفي غياب من يعتبرون أنفسهم أصحاب الاختصاص، وحتى بدون علمهم، فالمخزن لا يلعب كما يقال، ولكنه يجد أمامه الكثير من اللعب، يوزعها على المواطنين، ويجعلهم يستمتعون أكثر بلعبة السياسة، وهم يتابعون مجموعة من اللاعبين، يسعون لتسجيل أهداف انتخابية، في مباريات مسلية لحد البلادة، قد تكون نتائجها مؤثرة على مستوى الخريطة الانتخابية، وقد تكون صالحة للاستهلاك الشعبي في مراحل معينة، وفي صالح أحد صناع الفرجة السياسية ببلادنا، لكنها تبقى في نهاية المطاف مجرد لعبة، تتحكم فيها سلطة الدولة، لسوء الحظ أو لحسنه، الله أعلم..
٭عن أسبوعية “لاكرونيك”