
طنجاوي – غزلان الحوزي
كشفت دراسة، أجراها الصحفي الاسباني “فرانسيسكو بريخيل”، و نشرت بجريدة “الباييس” بتاريخ 8 ماي الجاري، حول ظاهرة الأمهات العازبات بمدينة طنجة، عن وقع صادم تعيشه هاته الفئة من المجتمع.
الصحفي الإسباني أجرى مقابلات مع ثمان نزيلات، بمركز الاستقبال الذي تديره جمعية “مائة في المائة أمهات”، التي رأت النور سنة 2006، والكائن بمنطقة بن ديبان، اعتبرها عينات تمثلن الآلاف من النساء المتخلى عنهن من قبل عائلاتهن، و أصدقائهن، والمجتمع برمته. حيث إن العلاقات خارج الإطار الشرعي للزواج تبقى، بموجب القانون الجنائي، علاقات محرمة ينتج عنها أطفال تطاردهم صفة “ولد الحرام”، وهو اللقب الذي يلازمهم طوال مراحل حياتهم.
الدراسة عرضت تفاصيل ظروف حياة النزيلات الثمانية، إذ رغم اختلاف ظروف حملهن، باختلاف أعمارهن، لكن نهايتهن تكون واحدة: ألا وهي الرفض.
تقول إحداهن: “كنت أتمنى لو أُصِبت بالسرطان على أن يكون بين أحضاني طفلا غير شرعي، على الأقل، كنت لأكون بين أحضان عائلتي”. فحكايتهن عن النبذ و الرفض الحاصل لهن كأمهات عازبات، لا حول لهن ولا قوة لهن إلا اللجوء إلى جمعية “مائة في المائة أمهات”، من أجل الحصول على حلول تسهل عليهن الاندماج في المجتمع، وتشجعهن على الاعتناء بأطفالهن، إذ أن أغلبهن لا يتوفرن على أدنى مستويات التكوين الدراسي و المهني.
وتهدف جمعية “مائة في المائة أمهات” إلى توفير مأوى، في الحالات الطارئة، لفائدة 12 نزيلة في حدود ستة أشهر، ثم إخلاء المجال لأمهات أخريات.
ليجدن أنفسهن أمام واقع مؤلم، فالحياة اليومية بعدها لن تكون أمرا سهلا بالنسبة إليهن، إذ يواجهن مشاكل الاستغلال والرفض عند طلبهن للشغل، أو البحث عن الكراء رفقة أبنائهن، بدعوى امتهانهن للدعارة.
صورة المغضوب عليهن، التي تتركز في نفسية الأمهات العازبات، تسعى جمعية “مائة في المائة أمهات” إلى أن يتجاوزنها من خلال منحهن تكوينات لتمكينهن من بناء حياة متجددة يعتمدن فيها على أنفسهن.
الدراسة كشفت عن عدم وجود إحصائيات رسمية حول عدد الأمهات العازبات، ووقفت على تجنب وسائل الإعلام الرسمية الحديث عن الموضوع، فالأرقام التي تقدمها وزارة الصحة تعتريها مغالطات، بحكم تهريب الأطفال عن طريق التبني غير القانوني، وعن سوء المعاملة التي يتلقينها في المستشفيات خصوصا في ظل غياب المرافقين الاجتماعيين، و صعوبة الحصول على الأمر القضائي بتحليل الحمض النووي من طرف المحاكم المختصة.
لا شيء تغير، وفق ذات الدراسة، فيما يخص الأمهات العازبات بعد أزيد من عقد من الزمن، بموجب المادة 409 من القانون الجنائي، التي تدين المتورطين في العلاقات غير الشرعية بسنة سجن نافذة، وهو القانون الساري المفعول منذ سنة 2009، إلى اليوم في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية، فلا هي تدخلت لتغيره ولا حتى المعارضة من أجل إلغائه، إذ يبدو أن فالأمر لا يدخل في أجندات كليهما.
وخلصت الدراسة، من خلال المعاينات و المقارنات، إلى أن طريق تغيير القوانين التمييزية و الأحكام الجائرة لا يزال طويلا و شاقا بالمغرب، مقارنة مع تونس التي تعترف بإثبات الأبوة في حالة الحمل غير الشرعي، وهذا الواقع يجعل من الجمعيات الإنسانية مؤسسات لا غنى عنها.