
طنجاوي – حفصة ركراك
كشفت ذ. فوزية بوالزيتون المسؤولة عن مركز التكوين في مجال التقليص من مخاطر تعاطي المخدرات بجمعية حسنونة، مساء أمس الأربعاء بطنجة، عن تفاصيل المقاربة، التي تندرج ضمن مشروع المناصرة من أجل ولوج الأشخاص المتعاطين للمخدرات لحقوقهم، وذلك في لقاء المناصرة لفائدة نساء ورجال الصحافة والإعلام بمدينة طنجة.
وردا على الاتهامات التي وجهت للجمعية، بكونها تساند متعاطي المخدرات وتساهم في انتشار الظاهرة، استعرضت فوزية بوالزيتون دراسة علمية عززتها بمجموعة من الأرقام والمعطيات، تفند هاته المزاعم، وتعزز رؤية الجمعية للتقليص من مخاطر الظاهرة، وليس بالضرورة القضاء عليها.
وذكرت بوالزيتون، أن الجمعية نهجت هذه المقاربة بعد الدراسة التي أجريت في 2003، خلصت فيها إلى أن ارتفاع نسبة السيدا والالتهابات الكبدية يرجع في نسبة كبيرة إلى تبادل نفس الحقنة بين متعاطي المخدرات، بفعل عدم قدرتهم على الحصول على حقنة لكل واحد.
ولأجل تقليص نسبة الأمراض نهجت الجمعية مقاربة التقليص من مخاطر ظاهرة المخدرات، عبر دعم المتعاطين واستدراجهم وإقناعهم لولوج المراكز الصحية، ثم تقديم برنامج العلاج البديل لهم، الذي يهم المستويين الجسدي والنفسي، حيث أبان عن نتائج جد إيجابية، من خلال ارتفاع عدد الذين تم إدماجهم في المجتمع ليصبحوا فاعلين ومنتجين كغيرهم من المواطنين، بخلاف السياسة العقابية في السجون، التي أبانت عن فشل ذريع في التقليص من مخاطر الظاهرة، حسب ما صرحت به فوزية بوالزيتون دائما.
مضيفة أن التركيز على إدمان الشخص دون النظر إلى وضعه الصحي، قد تجاوز ظاهرة الإدمان إلى انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة، لذا فالمقاربة التي تنهجها الجمعية “تحافظ على صحة المدمنين أولا، ولا تشترط بالضرورة توقف المدمن عن التعاطي، إلا برغبة المريض في العلاج”، حيث توفر الجمعية للمدمن “ما يلزمه من الحقن، مصحوبة بإرشادات توجيهية ليتم استهلاكها بأقل المخاطر، خاصة وأن معظم المدمنين يحقنون المخدرات في أماكن جد حساسة تجعلهم يتعرضون لعاهات مستديمة ولأمراض خطيرة يستعصي علاجها”.
وأوضحت فوزية أن الجمعية لا تشجع تعاطي المخدرات كما كان يظن أغلب الناس، ولا تساهم في تفاقم الظاهرة، لكن كل المقاربات التي تم تجريبها سابقا لم تعرف أي نتائج إيجابية، نظرا لتواجد أخطبوط عالمي لسوق المخدرات ومختبرات عالمية تجني ثروات هائلة، يصعب التحكم فيها، لذا فالحل الأنجع هو التقليص من مخاطرها عوض خيار القضاء عليها الذي يعتبر أمرا مستحيلا.
واستعرضت بوالزيتون مجموعة من الإحصاءات والمعطيات التي تفيد أهمية المقاربة، التي شرع العمل بها في بلدان أروبية مختلفة وحققت نتائج إيجابية ملحوظة، حيث بدأت في هولندا سنة 1984، بريطانيا سنة 1985، استراليا سنة 1986، وبالمملكة المتحدة سنة 1996، وكانت إيران هي أول بلد إسلامي يجرب العمل بهذه المقاربة، بعد استفحال الظاهرة بفعل السياسة العقابية، حيث انتشرت الأمراض والأوبئة بفعل العلاقات الجنسية الشاذة وسط السجون، وتبادل الحقن بين المتعاطين، وحين تبنى البلد سياسة التقليص من المخاطر، عرف انخفاضا ملحوظا في نسبة انتشار هذه الأمراض.
تنفيذ هاته المقاربة، حسب فوزية بوالزيتون، مكن من تسجيل نتائج متعددة جاء من ضمنها، إزالة أعراض الانسحاب الحاد الذي يقود المدمنين لجرائم متعددة للحصول على الحقنة، بفعل الآلام التي يتعرض لها المدمن على المستوى الجسدي والنفسي، والتي تصل في حدتها إلى آلام المخاض في حالته العسيرة، وإلى آلام داء الكلي، ومن ضمن النتائج أيضا تخفيض نسبة استهلاك المواد الأفيونية الغير المشروعة، حيث خلف هذا الأمر أزمة خانقة لمروجي الهيروين، ثم التقليل من المشاركة بأدوات الحقن بين المتعاطين.
وتعتبر جمعية حسنونة أول مبادر على المستوى الإفريقي الذي نهج مقاربة التقليص من المخاطر في صفوف متعاطي المخدرات، وحسب الإحصاءات فإن طنجة عرفت انخفاضا ملحوظا في الإصابة بأمراض السيدا والالتهابات الكبدية، حيث وصلت الانخفاض في الإصابة بمرض السيدا إلى 1%و الالتهابات الكبدية إلى 54% ، مقابل نسب مهولة ومرتفعة جدا في العديد من المدن المغربية التي لم تنهج هذه المقاربة بعد، والأمر نفسه يتكرر مع الدول التي نهجت المقاربة ونظيرتها التي لازالت متخوفة من تبني المقاربة، حيث أن النتائج والإحصاءات توضح فرقا شاسعا بين الطرفين.