مجتمع

عدوى الاحتجاج

الأحد 5 فبراير 2017 - 11:53

عدوى الاحتجاج

محمد كويمن العمارتي*

كثيرة هي الاحتجاجات، التي شهدتها طنجة، شأنها كباقي عدة مدة مغربية أخرى بعد موجةالحراك الشعبي ل 20 فبراير 2011، حين كان الإقبال كبيرا على باحة مقر ولاية جهة طنجة، ومدخل مقر الجماعة، وساحات الأمم، وبني مكادة، وسور المعكازين، أمام ارتفاع دعوات الاحتجاجات الشعبية، في مواجهة مختلف القضايا الاجتماعية والحقوقية وملفات تدبير الشأن العام، لدرجة أن اعتادت السلطات المحلية على تشكيل لجنة للحوار في تعاملها مع كل احتجاج، بغاية تهدئة الأوضاع بأقل خسائر ممكنة، وهو ما تحقق فعلا من خلال امتصاص غضب العديد من المحتجين، عبر الاستجابة لمطالبهم في بعض الحالات والالتفاف حول مطالب أخرى في محطات عديدة، وفق مجريات الأحداث، التي عاشتها الساحة الوطنية وارتباطها بمحيطها الإقليمي الدولي، وما لذلك من تأثير مباشرعلى حركية المجتمع، وإن كان البعض اختاروا تمييع الحركات الاحتجاجية المعقولة، بنية مبيتة، إلى أن فقدت مصداقيتها، بظهور هواة الركوب على الأمواج وأصحاب العزف على كافة الأوتار..

والمثير للانتباه، أن حليمة التي اعتادت العودة إلى حالتها القديمة، أضحت محرجة، في ظل استمرار نهج نفس الأساليب في تعامل السلطات المحلية مع مجموعة من حالات الاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي، التي تهدد بشكل كبير استقرار السلم الاجتماعي، كالأحداث التي عاشتها المدينة ضد غلاء فواتير استهلاك الماء والكهرباء، حين تم اتخاذ تحت الضغط العديد من التدابير لتفادي تكرار نفس الغضب الشعبي بالمدينة، قبل أن تتراجع الأطراف المعنية تدريجيا عن التزاماتها، وتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل موجة الاحتجاجات، في انتظار انفجار جديد، لا يتمناه أحد، لكن لا مؤشرات على سعي المسؤولين لمعالجة المشاكل المطروحة، دون ترك الجمر تحت التبن..

ولعل الاحتجاج مؤخرا تحول إلى الاستئناس، فمن كانوا يحتجون على طريقة تعويضهم مقابل ترحيلهم من سوق بئر الشعيري استسلموا للأمر الواقع، واحتفظوا بمطالبهم للذكرى، والذين احتجوا على الأضرار التي ألحقها بهم تصميم التهيئة الجديد، لم يجدوا جوابا مقنعا وبقي الحال على ما هو عليه، واحتجاجات التلاميذ وأولياء أمورهم على إغلاق مدارسهم (الفطرة والفاتح) لم تنصفهم لتمكينهم من حلول بديلة تنقذ موسمهم الدراسي، بل لم ينفعهم حتى اللجوء للقضاء، واحتجاجات أخرى كثيرة، لم تجد ضالتها بالجماعة الحضرية، حين صار أهل المجلس الجماعي يطلبون من المحتجين توجيه بوصلة احتجاجهم نحو الولاية، تارة باسم عدم الاختصاص، والحرص على متابعة الاحتجاجات من وراء الستار، وتارة أخرى بدافع وجود الحل والعقد بيد الوالي، وفي الحالتين معا تغيب شمس الحقيقة، وتبقى الضبابية في التعامل مع الاحتجاجات ذات المطالب العادلة، دون تحديد المسؤوليات والتواصل بصدق مع المحتجين، ودون الإسراع بمعالجة الداء قبل انتشار عدوى الاحتجاجات بكل عشوائية..

   *عن أسبوعية “لاكرونيك”