
محمد كويمن العمرتي*
الدعوة إلى الاحتجاج فتنة، الاحتجاج على دعوة الاحتجاج فتنة، الخروج إلى الشارع فتنة، التظاهر فتنة، التجمهر فتنة، الاكتظاظ فتنة، وما أكثر الفتن حين تعدها في هذا الوطن، لكن يجب الانتباه أمام هذا الزخم من الفتن، أن عدم إصلاح قطاعي التعليم والصحة من أكبر الكبائر، ومن الفتن التي جعلت المواطن مفتون على وزن مهبول، وللأسف لا يتم التعامل معهما بنفس العناية، التي تحظى به الفتنة، باعتبار أن الدولة تخاف على المواطن من الإصابة بالفتنة وتدعوه إلى اجتنابها لأنها رجس من عمل الشيطان، وفي نفس الوقت لا تسعى للحد من أعراضها بالرغم من أن ذلك من الإيمان الذي يجب أن يصدقه عملها.
فاحذروا الفتنة من كل زواياها، حتى لا تكون على مقاس لعبة المصالح، وتفقد توازنها بين الفاتن والمفتون، مادام أن هناك دائما من هم على استعداد لركوب موجة الفتنة، وآخرون لا يبالون بهذه الفتنة إلا عند وقوع الفأس بالرأس، حين لا يعملون على تفادي مخاطرها، من خلال ممارسة فعلية لما يتم الترويج له في علاقة ما لك وما عليك بين الدولة ومواطنيها. فمن غير المعقول أن يظل استقرار البلاد على شفى حفرة من النار، ويتم الاكتفاء دائما بلعن من يوقظون هذه الفتنة من نومها، وهم على يقين بأنها لا تنام في ظل هذه الأوضاع، دون التركيز على نوم الطرف الآخر وتقاعسه عن القيام بواجباته، لكي لا يمنح أي فرصة للفتنة.
وإذا كان هناك من يحرض على الفتنة، فبالتأكيد هناك من يوفر له الظروف المناسبة لممارسة أفعاله التحريضية بكل اطمئنان، وبالتالي فالوقوع في محظور الفتنة تحصيل حاصل، في غياب الحصانة، ليست البرلمانية طبعا، بل تلك التي من شأنها تحصين الانسان، من خلال استثمار الدولة في بناء مواطن صالح، يحس بانتمائه ويلمس خدماتها، يفهم قبل أن يطيع، يقتنع بكون القانون فعلا فوق الجميع، يستوعب ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة كفرض وليس كشعار، يعبر عن رأيه دون إقصاء الآخر، يحب وطنه دون ابتزاز ولا انتهازية، آنذاك على الأقل إذا ما ابتلانا الله بالفتنة لا قدر الله سيكون في مواجهتها عقلاء، وإلا سيبقى تبني الفتنة بقصد أو بدون قصد، تحت رحمة الشارع، أمام تنامي مختلف ظواهر العنف بالمجتمع، حين صار البعض يحترفون التخريب، ويترقبون الفرص لإفراغ مكبوتاتهم في ممارسة الشغب، في ظل فارغ قاتل للجهات المعنية بتأطير جيل جديد يتأثر بثورات الفيسبوك، ولا يأبه بتحذيرات الفتنة..
*عن أسبوعية “لاكرونيك”