
شهدت العلاقات المغربية الموريتانية تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، حيث تسعى قيادتا البلدين إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي عبر مبادرات إستراتيجية تهدف إلى تطوير البنية التحتية والارتقاء بالمبادلات التجارية بما يتماشى مع العلاقات التاريخية بين البلدين الجارين.
وفي ظل هذه الدينامية، يُطرح مشروع إنشاء معبر تجاري حدودي جديد نحو موريتانيا عبر إقليم السمارة، وهو ما أثار اهتمامًا واسعًا بالنظر إلى آفاقه التنموية الواعدة وأهميته في تعزيز الحضور المغربي بالقارة الإفريقية. هذا المشروع كان محور مطالب برلمانية تدعو إلى العمل على إنشائه لتحقيق أهداف اقتصادية وتنموية.
إلا أن هذه الخطوة قوبلت بردود فعل غاضبة من جبهة البوليساريو، التي عبّرت عبر تصريحات أحد قيادييها عن رفضها للمشروع، مشيرة إلى أنه يشكل جزءًا من الإستراتيجية المغربية لحسم النزاع حول الصحراء. واعتبر القيادي الانفصالي أن إنشاء هذا المعبر يمثل تهديدًا لمصالح الجبهة ومحاولة لتوسيع السيطرة المغربية، ملوّحًا بإمكانية التصعيد.
مزايدات سياسية
يرى خبراء أن خطاب البوليساريو بشأن المعبر الجديد يعكس محاولات للتشويش، خاصة أن الحدود بين المغرب وموريتانيا أصبحت مؤمنة بالكامل بعد تدخل الجيش المغربي لتأمين معبر الكركرات في عام 2020، وهو ما جعل تدفق السلع والأشخاص تحت إشراف مباشر من سلطات البلدين.
ويوضح المحللون أن إنشاء معبر جديد بين السمارة المغربية ومنطقة بئر أم غرين الموريتانية يعد امتدادًا طبيعيًا للتعاون القائم، ويهدف إلى توسيع شبكة الطرق التجارية نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء، مما يعزز البنية التحتية للمبادرة الأطلسية المغربية لدعم دول الساحل.
التعاون المغربي الموريتاني
يشير مراقبون إلى أن موريتانيا استطاعت أن تفصل بين موقفها السياسي الحيادي من قضية الصحراء المغربية ودورها الاقتصادي الإيجابي في دعم مبادرات التنمية التي يقودها المغرب، مثل مشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، الذي يهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي لدول غرب إفريقيا.
ويؤكد المراقبون أن التوجه نحو تعزيز التعاون بين البلدين يعكس الرؤية الإستراتيجية المشتركة، التي تقوم على تحقيق شراكة رابح-رابح، بعيدًا عن النزاعات السياسية التي تسعى إلى إرباك مسار التنمية الإقليمية.
تهديدات الانفصاليين
تُظهر تهديدات البوليساريو انزعاجًا واضحًا من التقارب المغربي الموريتاني، حيث تحاول الجبهة الضغط على نواكشوط لمنع أي مشاريع تعزز التعاون الاقتصادي مع المغرب. ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن موريتانيا ماضية في تعزيز هذا التعاون لتحقيق مصالحها الوطنية وتطوير اقتصادها بعيدًا عن الضغوط الخارجية، في خطوة تؤكد سيادتها واستقلال قرارها السياسي.