الرئيسية

كذبة أبريل بين المزاح والاضطراب النفسي: سلوك مكتسب أم مرض؟

الثلاثاء 1 أبريل 2025 - 20:50

كذبة أبريل بين المزاح والاضطراب النفسي: سلوك مكتسب أم مرض؟

مع حلول شهر أبريل، الذي ارتبط بظاهرة “كذبة أبريل”، تتجدد النقاشات حول الكذب وأبعاده النفسية والاجتماعية. ففي عالمٍ تتداخل فيه الحقائق بالأكاذيب، لا يقتصر الكذب على كونه سلوكًا مكتسبًا منذ الطفولة، بل قد يتحول إلى اضطراب نفسي يؤثر على شخصية الفرد وعلاقاته.

مزاح أم خداع؟
يُعرف فاتح أبريل عالميًا بـ”كذبة أبريل”، حيث يتبادل الناس الدعابات والخدع الودية، وينشرون أخبارًا ملفقة بهدف إدخال البهجة والمفاجأة. وعلى الرغم من طابعه الترفيهي، يعكس هذا اليوم رغبة في كسر الروتين وتعزيز الوعي النقدي في التمييز بين الحقيقة والتضليل، خاصة في عصر التدفق المعلوماتي الكبير.

الكذب: سلوك مكتسب أم اضطراب؟
توضح الأخصائية النفسية ريم عكراش أن الكذب ليس بالضرورة حالة مرضية، بل يُعد سلوكًا يتعلمه الإنسان منذ الصغر كوسيلة للدفاع النفسي والاجتماعي. وتضيف أن البيئة تلعب دورًا كبيرًا في ترسيخ هذا السلوك، إذ يتأثر الطفل بالمحيط الذي نشأ فيه، خاصة إذا كان يشهد ممارسات الكذب بين الوالدين.

أما في حالاته المرضية، فقد يتحول الكذب إلى كذب قهري يُعرف بالميتومانيا، وهو سلوك مرتبط باضطرابات نفسية مثل اضطرابات الشخصية، ومنها الشخصية النرجسية، حيث يجد الشخص صعوبة في التحكم في كذبه، سواء كان واعيًا بذلك أم لا. كما قد يظهر في اضطرابات المزاج، مثل اضطراب ثنائي القطب، حيث يستخدمه الفرد لتعويض مشاعر النقص عبر أوهام العظمة.

وفي السياق ذاته، أشارت الأخصائية إلى أن بعض الأفراد يلجؤون إلى الكذب خوفًا من العقاب أو الرفض، أو رغبة في كسب الإعجاب، موضحة أن هذه الحالات تستدعي تدخلاً نفسيًا لتعزيز الثقة بالنفس وتحسين تقدير الذات.

بين التلاعب والضغط الاجتماعي
من جانبه، يوضح الخبير في علم النفس الاجتماعي، عادل الحساني، أن استمرار الكذب بعد سن 21 بشكل مفرط قد يعكس خللًا في استيعاب القيم الاجتماعية، أو طغيان العالم المتخيل لدى الشخص، وهو أمر نادر في المجتمع، وعادة ما يكون مرتبطًا بسلوكيات عدوانية أو تلاعبية.

كما يؤكد الحساني أن الكذب ليس محصورًا على الأشخاص غير الأسوياء، فهناك ضغوط اجتماعية قد تدفع حتى الأفراد العاديين للكذب، مثل تبريرات التجار بعدم توفر “الصرف” للحفاظ على سير عملهم. وفي حين أن بعض الأكاذيب تُستخدم لتجنب الإحراج، فإن الكذب المخادع يظل للأسف أداة شائعة لتحقيق المصالح الشخصية.

 

بين المزاح والواقع
يبقى الكذب سلوكًا متعدد الأوجه، بين المزاح المقبول الذي يهدف إلى المرح، وبين الخداع الذي قد يكون نتيجة اضطرابات نفسية أو ضغوط اجتماعية. لذا، فإن تعزيز الوعي بحدود الكذب وأثره على العلاقات يعد أمرًا ضروريًا في مجتمع تغمره المعلومات المتضاربة.