
بدأت درجات الحرارة تشهد ارتفاعا ملحوظا في مناطق متفرقة من المغرب، مما يعزز التوقعات بصيف ساخن قد يضاهي السنوات الماضية، في ظل التأثيرات المتزايدة للتغيرات المناخية العالمية.
ومع هذه المؤشرات المناخية، يتجدد النقاش حول التحديات التي تواجهها المملكة في الحفاظ على مواردها المائية السطحية، المجمعة عبر مختلف السدود، وسط معضلة التبخر التي تتسبب سنويا في فقدان مئات الآلاف، بل ملايين الأمتار المكعبة من الماء.
وفي هذا السياق، يرى خبراء ومتخصصون في إدارة الموارد المائية أن المغرب بحاجة إلى تبني حلول مبتكرة لحماية ثروته المائية، اقتداء بتجارب دولية رائدة، لضمان استدامة هذه الموارد في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
عبد الرحيم الهندوف، الخبير في المجال المائي، أوضح أن ظاهرة تبخر المياه السطحية الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة تعد “ضياعا نسبيا ومحدودا”، إلا أن تأثيرها يظهر جليا خلال شهري يوليوز وغشت. وأشار إلى أن المغرب قد يفقد خلال هذه الفترة نحو 2000 متر مكعب للهكتار الواحد شهريا من المسطحات المائية بالسدود، مما يستدعي البحث عن حلول تقنية فعالة.
واقترح الهندوف اعتماد تقنية الألواح الشمسية العائمة، التي حققت نتائج إيجابية في الصين، باعتبارها حلا مثاليا. وأوضح أن هذه التقنية تساهم في توفير مساحات إضافية لاستغلالها في إنتاج الطاقة الشمسية، مع الحد من تبخر المياه وزيادة كفاءة الألواح في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
وأكد الخبير أن هذه التقنية أثبتت نجاحها في العديد من البلدان، داعيا إلى دعمها واعتمادها رسميا للاستفادة من مزاياها المتعددة.
من جانبه، شدد محمد بنعبو، الخبير في البيئة والمناخ، على أن ارتفاع درجات الحرارة يشكل تهديدا مباشرا للموارد المائية في المملكة، موضحا أن هذه الظاهرة أصبحت سمة مشتركة بين مختلف دول العالم.
وأشار بنعبو إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يهدد بشكل كبير كميات المياه التي يتم تجميعها وتخزينها في السدود، محذرا من أن الظروف المناخية الاستثنائية قد تؤدي إلى نضوب سريع لهذه الموارد. وأضاف أن درجات الحرارة التي تتجاوز 40 درجة مئوية تؤدي إلى فقدان ملايين الأمتار المكعبة من المياه يوميا.
واقترح بنعبو، بدوره، الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة مثل الصين، التي نجحت في تغطية المسطحات المائية بألواح شمسية عائمة تنتج الطاقة وتحمي المياه من التبخر. كما أشار إلى حلول أخرى مثل تغطية السدود بكريات طافية تعمل على تقليل فقدان المياه.
واعتبر بنعبو أن الظواهر المناخية الحالية مرشحة للاستمرار، في ظل تواصل ارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مما يجعل المغرب، المصنف ضمن أكثر الدول تأثرا بالتغيرات المناخية، مطالبا بالتحرك السريع واعتماد حلول مبتكرة وفعالة لمواجهة هذه التحديات البيئية.