أخبار وطنية

الطب على رأس اختيارات المتفوقين في البكالوريا: بين طموح المهني ونظرة المجتمع

الإثنين 16 يونيو 2025 - 19:35

الطب على رأس اختيارات المتفوقين في البكالوريا: بين طموح المهني ونظرة المجتمع

لم يكن مفاجئًا أن يحتل الطب مكانة متقدمة ضمن اختيارات عدد كبير من التلاميذ المغاربة المتفوقين في امتحانات البكالوريا لهذه السنة، خاصة أولئك الذين حصلوا على معدلات عالية في الدورة العادية، والذين يتطلعون إلى مواصلة دراساتهم الجامعية في تخصصات ذات آفاق مهنية واعدة.

وكما في السنوات الماضية، لا تزال كليات الطب تستقطب اهتمام الحاصلين على أعلى المعدلات، خصوصًا من خريجي شعب العلوم والتقنيات، إلى جانب عدد كبير من الناجحين في شُعب العلوم الفيزيائية والرياضية، ما يعكس استمرار المكانة الخاصة التي تحظى بها هذه المهنة في المخيال الجماعي للمجتمع المغربي.

ويرى خبراء في قضايا التربية والتكوين أن الإقبال المتزايد على مهنة الطب يرتبط بنظرة مجتمعية إيجابية تُحيط بهذه المهنة، وبالفرص الواسعة التي تتيحها، سواء على مستوى التطور المهني أو الاستقلالية الاقتصادية، خاصة من خلال فتح عيادات خاصة.

وفي هذا السياق، سبق لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن أعلن خلال شهر أبريل الماضي عن وجود مشاورات مع عمداء كليات الطب والصيدلة قصد مراجعة عتبة الولوج، واقتراح خفضها إلى معدل 12 عوض 13، كما كان معمولًا به السنة الماضية، وذلك استجابة للطلب المتزايد على هذا التخصص.

من جانبه، اعتبر جمال شفيق، خبير في الشأن التربوي ومفتش مركزي سابق، أن الاهتمام بالمهن الصحية، وعلى رأسها الطب، ظل حاضرًا بقوة لدى الأجيال المتعاقبة من حاملي شهادة البكالوريا، موضحًا أن خريجي شعبة الرياضيات يتجهون بشكل لافت نحو هذا المسار، ما يجعله يُنظر إليه كمهنة نخبوية.

وأشار الخبير ذاته إلى أن هذا التوجه يعود لعدة اعتبارات، من بينها الأفق المهني الرحب والربح المادي الممكن تحقيقه، خاصة بالنسبة للأطباء الذين يزاولون في القطاع الخاص، إلى جانب ما تمنحه هذه المهنة من مكانة اجتماعية مرموقة.

أما محمد الدرويش، أستاذ التعليم العالي ورئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، فقد أكد أن اهتمام الناجحين في شعبة العلوم والتقنيات يتركز بشكل ملحوظ على تخصصات الطب والصيدلة وطب الأسنان، مشيرًا إلى أن هذا التوجه لا يقتصر فقط على أصحاب المعدلات العليا، بل يشمل أيضًا شريحة واسعة من الناجحين الذين يرون في هذه التخصصات بوابة مستقبلية واعدة.

كما نوّه إلى أن القرار المرتقب بتخفيض عتبة الولوج قد يزيد من الإقبال على هذه التخصصات، إلا أن ذلك يصطدم بإكراهات عدة، منها محدودية عدد المقاعد في الكليات، وضعف الإمكانيات المادية، ونقص التأطير بالمراكز الاستشفائية.

وختم بالقول إن هذا التوجه نحو دراسة الطب لا يرتبط فقط برغبة في الاستقرار المهني داخل البلاد، بل كثيرًا ما يكون مدفوعًا أيضًا برغبة بعض الأسر والتلاميذ في الهجرة واستكمال المسار التكويني والعمل بالخارج، وهو ما يُنظر إليه كمجال لتحقيق الارتقاء الاجتماعي.