أخبار سياسية

البام يتشتت..

الأحد 16 فبراير 2020 - 23:49

البام يتشتت..

طنجاوي – غزلان الحوزي*

يبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة (الجرار لسد الثغرة) بدأ يخرج من حالة الجمود، مع التطورات التي عرفها المؤتمر الوطني الرابع للحزب خلال نهاية الأسبوع الماضي بالجديدة.

المؤتمر كان بمثابة نقطة بداية الصراعات والخلافات بين الفصائل، مع الإشارة إلى الممارسات البغيضة التي تفشت داخل هذا التنظيم الحزبي، حيث بدا “التخبط” واضحا، بسبب غياب الناظم الإيديولوجي بين أنصار الحزب، لينتهي المؤتمر باختيار وهبي خلفا لبنشماس باعتباره المرشح الوحيد بدون منافس !.

عبد اللطيف وهبي برلماني ومحامي بارع، لا يهاب الخوض في القضايا الحساسة والتي تثير الجدل، مثلما هو الحال في محاكمة بوعشرين، بات اليوم يمسك بزمام القيادة، مع انتخابه أمينا عاما جديدا لحزب الأصالة والمعاصرة، بدعم قوى من حليفته فاطمة الزهراء المنصوري، التي كسبت ثقة برلمان البام لتصبح رئيسة لمجلسه الوطني.

إذن، فهذا الحزب الذي يحتل حتى اليوم المرتبة الثانية في مجلس البرلمان، ولازال رسميا يمثل أول حزب في المعارضة، يبدي طموحا في تجنيد جيوشه لتعزيز وجوده خلال الانتخابات المقبلة.

لكن هل يمكن اعتبار البام، الذي أعيدت هيكلته، باختيار رجل جد نشيط وطموح، أن يكون في الانتخابات التشريعية المرتقبة، بنفس القوة والإمكانات التي كانت لدى سلفه إلياس العماري؟ أو سيتوجب على الجرار وضع برنامج ضخم لخوض المعركة ضد عدوه الأبدي “البيجيدي”؟!.

بعد مدة..حان الوقت
لم ينس أحد هزائمه النسبية، وخيبة الأمل التي أصابت أولئك الذين رفضوا منح الثقة لعبد الله بنكيران لتجديد ولايته الثانية على رأس الحكومة.
استغرق الأمر الكثير من المناورات، نفذتها جهات أخرى غير البام لضمان الإطاحة ببنكيران، وبناء تحالف برلماني يمتلك الاغلبية، هي في الحقيقة “لا وجود لها” مع السلطة (النسبية) لسعد الدين العثماني.

فبعد هذه الهزيمة، كان خروج البام محتوما، ومصيره حاسما، لقد فقد الروح في تشكيلته؛ حزب دون إستراتيجية، عاجز عن القيام بدوره في الساحة البرلمانية بصفته أول قوة في المعارضة لأنه بالأساس لم يكن مهيّئا لذلك !

ومن المؤكد أنه اليوم بصدد إعادة حساباته من الصفر، وهذا من شأنه أن يثير تساؤلات مشروعة حول مدى حظوظ البام في أن يعود بقوة، وأن يحظى بموارد وإمكانات كبيرة، كانت تتزايد تحت ظل أوليائه السريين، النافذين والأسخياء…

هناك مثل لاتيني قديم يقول ” الذي يتكرر مرة ثانية لا يجذب مثل أول مرة”، نستحضر هذا المبدأ لأننا نعتبر أن أوقات عظمة حزب الجرار مضت، ولن تعود بعد انتكاسة 2016.

وينطبق هذا التقييم أيضا على مؤتمره بالجديدة، رغم حضور “السلطات” ومؤسسي البام، ضمهم شخصيات كانت بارزة سنتي 2008 و 2009، وعودة الذين هجروا صفوف الحزب منذ وقت طويل.

إن الأزمة الداخلية الطاحنة التي عاشها الحزب خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لهي دليل آخر على عدم الرضا الذي ينتاب صفوف من ساهموا في نشأته و ظهوره.

و اليوم يبدوا جليا أن حزب البام يشق طريقه للعودة إلى الساحة، وسيكون دون شك تشكيلة ضمن غيره من التشكيلات دون برنامج شامل، و لا إيديولوجية ثابتة ولا شخصيات بارزة.

لنكن واقعيين
في ظل هذه الظروف، هل يمكن أن تُترجم طموحات زعيمه الجديد، الذي بدأ فعلا في مغازلة الحزب القائد للحكومة، ملمحا عن إقامة تحالفات قد توصف بالمستبعدة والغير الطبيعية؟

والحال أنه حتى سنة 2016-2017 كان حزب الأصالة المعاصرة آلة حربية مقاتلة، موجهة لمحاربة الإسلام السياسي وهزيمته والفوز بالانتخابات.

تعرض هذا الطموح للإحباط، ومع إعادة الروح للبام، سيصبح مجرد جرار عادي بقدرات محدودة، وموارد بشرية ستكون حتما أقل مما كانت عليه في الماضي.

ولأنه لا ينبغي أن نكون انطباعا خاطئا عن قوة جنوده، خاصة البرلمانيين منهم، والشعور بقدوم الرياح والتنبؤ بالتغييرات، فمن الجلي أنه بالطريقة نفسها التي غادر بها الأعيان والتلفون أحزابهم الأصلية لحجز مكان داخل البام، سيلتحقون، في الوقت المناسب، ب”البطاقة الرابحة” تاركين السيد وهبي وحيدا وعيناه تدمع…

تتوجه اليوم الانظار نحو طموحات الامين العام الجديد الراغب في عقد تحالف مع أعداء الأمس، لكن ذاك لن يكون كافيا لجعل من البام محركا قادرا على إحداث زخم سياسي متجدد.

لقد عرفت الساحة الوطنية في الواقع، تغيرات كبيرة خاصة خلال السنوات الاخيرة، ولن يعود البام أبدا تلك التشكيلة (المباركة والمرضية)، إذ يتوجب عليه التقليل من مطالبه بحيث سيكون أقصى ما يطمح إليه أن يصبح رقما مكملا في أفضل الحالات.
كات المؤشرات تؤكد أنه بالنسبة للبام “اللعبة انتهت”، وحتما سيذهب للاستحقاقات المقبلة وهو مشتت من الآن…

*بتصرف عن la tribune”