
عبد الرحمان الصديقي*
مناسبة هذا الكلام هو صياح الغوغاء بالأمس في البيضاء لإسقاط العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة عن طريق التظاهر في الشارع…
ما كنت أظن بأن ذكاء سياسيينا سيصل بهم لهذا السلوك الوقح الذي اختار أسلوب السب والشتم والفوضى لمجابهة خصم عنيد منظم و مؤطر ويجيد لعبة الشوارع وحرب العصابات والكر والفر أحسن من أي كان.
- كنا ننتظر أن يبدأ الحساب المبني على الأسس العلمية والبرهان لدحض مشروع لا مجتمعي لحزب استفاد من تراكمات نضالات غيره بالوكالة.
- كنا ننتظر مقارعة ومحاسبة الحزب الحاكم حول حصيلته السياسية – أقول السياسية وليس التقنية – خلال الخمس سنوات التي حكمنا فيها لتقيمه بالبرهان, هل حقق مشروعه المجتمعي الذي من أجله حملناه إلى الحكم ؟
- كنا ننتظر جواب منه بخصوص العفو عن المفسدين وشرعنة الفساد ببلادنا الى الأبد.
- كنا ننتظر مرافعة بخصوص من المسؤول عن إفراغ صناديق التقاعد وبأي حق نرغم على دفع الثمن مكان السراق.
- كنا ننتظر مساءلة الحزب عن برنامجه المقبل بخصوص محاربة التحكم وما حصيلته بخصوص محاربة الفساد وإذا كان هو نفسه جزء من التحكم من خلال تمكين إخوانه من القرار بالرغم من غياب الكفاءة.
- كنا ننتظر محاكمة الحزب بخصوص الإجهاز على المكتسبات باسم التوازنات الماكروقتصادية التي أملتها دوائر الاقتراض العالمي.
- كنا ننتظر جوابا صريحا من وزير التعليم العالي ووزير العدل والحريات بخصوص التراجع على مكتسبات الحكامة ولامركزية القرار وعودة المذكرات و الأوامر المباشرة.
- كنا ننتظر نقاشا في العمق بخصوص الصحة المريضة ومساءلة الحكومة إذا لم تكن قد مارست السياسوية من خلال توسيع قاعدة الطلب ( رميد) دون توسيع العرض ليتماشى والطلب.
- كنا ننتظر حوارا في العمق بخصوص فاتورة التعليم واستراتيجياته والرفع برجالاته.
- كنا ننتظر تقييم لتجارب استتباب الأمن.
- كنا ننتظر حوارا جدي كما فعلته حكومة التناوب في 2001 بخصوص أي نموذج للتنمية..
- كنا….
- كنا….
ولم نكن ننتظر أن يتحكم الغوغاء والأميون والأغبياء بمصير هذا البلد..
تهور البيضاء قد يضيع علينا فرصة المحاسبة، ويحولنا إلى مجرمين كل مرة أردنا انتقاد التجربة بعد أن صار الجلاد ضحية.
لا يهم من سيأخذ الحكم في 7 أكتوبر، بل الأهم هو ما سنفعله حتى لا يعود الغوغاء مرة أخرى لتقرير مصير أبنائنا، أيها الساسة نريد جدالا وصراع الأفكار والمشاريع ولا نريد صراع الأشخاص والأنساب “طلعوا النيفو“.
*أستاذ جامعي وباحث بكلية الحقوق بطنجة