
عبد السلام الشعباوي*
سنة أخرى، نؤكد التقارير البيئية المنجزة من قبل الخبراء المختصين في المجال البحري، وكذا اللجنة المشتركة المكلفة بتصنيف شواطئ المغرب، بأن شاطئ طنجة مازال غير صالح للسباحة والاستجمام، بسبب نسبة التلوث العالية في مياهه ورماله، وأنه بذلك لم يحصل على (اللواء الأزرق)، الذي يجعله ضمن الشواطئ المستوفية للشروط البيئية الصارمة، وفي مقدمتها، خلو مياهه ورماله من أي ضرر يمس بصحة وسالمة المصطافين، وخاصة عشاق السباحة..
وفي انتظار انتهاء الأشغال الضخمة، ضمن مشروع طنجة الكبرى، في صيف السنة المقبلة 2017، وعلى رأسها التطهير السائل من خلال استبدال قنوات الصرف الصحي، وإحداث المزيد من محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وتوسعة وتغطية مسالك المياه الشتوية، وتحويل بعض مجاري المصبات الملوثة للشاطئ البلدي، ولبعض لشواطئ الأخرى المحيطة بطنجة، فإن ا(اللواء الأزرق)، لن يكون من نصيب طنجة، وهو ما يعني بلغة الصحة أن الشاطئ البلدي لطنجة مريض، ومؤذي، ومعدي، ليس فقط للسباحين من البشر فقط، بل ولكل الأحياء البحرية، وفي مقدمتها ما تبقى من السماك العليلة..
وما دام ألح عن (الحالة المرضية!) لشاطئ طنجة، أذكر القراء الأعزاء بسبب (تنزيل!) هذه الصورة، التي يعود تاريخها إلى شهر يونيو من 2006، أي عشر سنوات بالتمام والكمال، وهي تظهر السيد حصاد وزير الداخلة الحالي، والي طنجة السابق ومعه أيضا السيد لفتيت والي الرباط حاليا، وعامل الفحص سابقا، لحظة إعطاء الانطلاقة لموسم الاصطياف بطنجة والتي تتزامن وطني بعد منتصف شهر يونيو من سنة.
وقصة هذه الصورة، اختزلها في التالي: مرة انعقد بإقامة السيد حصاد وقتئذ بالجبل الكبير بطنجة، اجتماعا موسعا بحضور المسؤولين والمنتخبين والإعلاميين، وكان الموضوع عرض للبرامج المقترحة من قبل الوالي حصاد، واستغل عبد ربه المناسبة ليثير موضوع تلوث الشاطئ وعدم قدرة الشركة الموكول إليها تدبير التطهير السائل، وأعني (أمانديس)، على الوفاء بموعد التحكم في المصبات الملوثة للبحر، وقت وقتئذ للسيد حصاد و أمام الملأ: إذا كنت متأكدا من أن شاطئ طنجة غير ملوث وصالح للسباحة، فعليك ومدير شركة أمانديس إثبات ذلك عمليا، كما فعل ذلك وزير إسباني – لاداعي للتذكير بالواقعة – وبعد يومين اتصلت بي هاتفيا الكاتبة الخاصة بالولاية، وأبلغتني دعوة السيد حصاد للمشاركة في (العومة!) الجماعية، وفعلا في الموعد المحدد التقينا بوسط الشاطئ البلدي ضمن باقي المدعويين، وكان من ضمنهم عبد ربه، وبعض الإعلاميين، والوالي حصاد، والعامل لفتيت، والعمدة الدرهم، فتوجهنا دفعة واحدة نحو أمواج البحر التي استقبلتنا وهي مزمجرة وحاملة معها ما ابتعناه من مخلفات التلوث..
مع الإشارة إلى أن السيد حصاد تحداني، معتقدا أني ربما، سأتردد في دخول البحر لأنني كنت وقتئذ، تحت تأثير جرح عملية جراحية، ومع ذلك سترتها بلباس صيفي شفاف، وأكدت للوالي حصاد، وللعامل لفتيت بأنني منقذ سباح، وسأحرسهم، واني أتوفر على شواهد للإنقاذ البحري من الوقاية المدنية، والجامعة الملكية المغربي للإغاثة والإنقاذ..
كان ذلك في شهر يونيو من صيف 2006، ونحن الآن في شهر يونيو من صيف 2016 ، أي عشر سنوات من (عومة!) السيد حصاد ومن معه.. وها نحن ندعوه اليوم وهو وزير (أم الوزارات)، ليشاركنا الذكرى العاشرة لواقعة العوم والسباحة في البحر الطنجاوي الموبوء، مؤكدا له بأنني سأكون حريصا على حمايته من (الغرق!) ومن (لطمات!) الأمواج الملوثة بذلك المكان الذي يعود لشهر يونيو 2006!..
* نائب رصيد حماية البيئة مكلف بالساحل والشاطئ والبحر