
محمد العمارتي كويمن*
هل تعلم أن مدينة طنجة تتوفر على مركز لإيواء من لا سكن لهم، شيد على مساحة شاسعة بطريق الزياتن بجوار دائرة بوخالف، ومن مهامه استقبال المشردين، الذين ينامون في العراء إلى جانب إيواء العجزة والأشخاص المتخلى عنهم في الشوارع؟، هذا الاستفهام له علاقة بالحملات التي تقوم بها السلطات المحلية خلال هذه الأيام لحماية بعض المشردين في مواجهة البرد، إذ يتوافد على هذا المركز من مختلف المقاطعات مجموعة من الباحثين عن الدفئ في ظل هذه الأجواء الزمهريرية، وذلك طبعا وفق ما تسمح به طاقته الاستيعابية، وهو على كل حال يبقى من المشاريع الاجتماعية الضخمة، التي تم إدراجها ضمن أوراش طنجة الكبرى، بعدما سخرت له إمكانيات مالية مهمة بغرض إنجازه وتجهيزه بمواصفات حديثة، لكن وما أدراك ما لكن، لم يتم الاهتمام بطريقة تدبيره بحجم قيمته المعنوية والمادية، فصار يبحث عن من يأويه؟؟..
حين تصل إلى المركز أول ما تلاحظه أن بناياته غير مسيجة، بعدما أصر الوالي على إبعاد شبهة الاعتقال عن ظروف الإيواء والاستقبال بمختلف مرافقها، كما تحيط بها مساحات خضراء وملعب رياضي لخلق فضاء مريح لفائدة النزلاء، الذين غالبا ما يفضلون العودة للشارع لدوافع تخصهم وتخص إدراة المركز، ثم تدخل في المعقول لتجد في استقبالك أحد حراس شركة الأمن الخاص، فلا وجود لموطف (ة) الاستقبال، هناك طبيبة حديثة الالتحاق بالمركز، تسعى جاهدة لإخبار الوافدين الجدد الذين يصلون إلى المركز عن طريق أعوان السلطة، لكي ينظموا أنفسهم أولا قبل الكشف عنهم، وتمكينهم من دخول الجناح المخصص لهم، حيث توجد قاعة كبيرة عبارة عن مقصف، لا يسيره أي أحد، فقط يعمل به تلفاز كبير، كان ينقل لبعض المشردين قناة فرانس 24 دون أن تثير اهتمامهم، بل أحدهم ظل يدخن سيجارة ملفوفة بالمخدرات داخل نفس القاعة التي كتب بمدخلها يمنع التدخين، في غياب من يراقب سلوكات النزلاء، كما يفتقد الجناح المخصص للنوم لموظفي الحراسة العامة، الأمر الذي أدى إلى اختفاء مجموعة من الأغطية، وإلحاق بعض الأضرار بعدد من المرافق الصحية، إلى جانب غياب النظافة بمجموعة من البنايات، باستثناء جناح العجزة خاصة السيدات، الذي يقاوم صعوبات ضعف الموارد البشرية، في الوقت الذي يضم المركز مطعما كبيرا، يتلقى الكثير من المساعدات الغذائية لإطعام النزلاء، لكن مرة أخرى يصطدم بانعدام ضوابط التدبير المطلوب إعتمادها في تنزيل المرامي الحقيقية وراء إنجاز هذا المشروع، بعدما كان الإسراع بافتتاح المركز دون التفكير في طاقم إداري محترف وفريق عمل كاف، قصد مواكبة الحاجيات اليومية لمرافق المركز، عبر اعتماد ميزانية محترمة للتسيير، وفق دفتر شروط يراعي خصوصية العمل الاجتماعي، ودون ذلك ستظل الحسرة على ضياع مثل هذه المشاريع، وأخرى التي ترصد لها إمكانيات مالية مهمة لإنجاز معمارها الجميل في غياب مخطط شامل للتسيير، رغم حاجة المدينة إليها، ولعل هناك الكثير من المراكز لانعلم عنها شيئا، حين يتم الاكتفاء بالاستثمار في الحجر دون البشر..
*عن أسبوعية “لاكرونيك”