
محمد كويمن العمارتي*
مباشرة بعد حادث غرق نفق بني مكادة، صدرت تعليمات “ماشي عليا” بفتح تحقيق في الموضوع، وتم الاستماع إلى الوالي، الذي صرح بأنه لم يعد وصي على طنجة بعد أن صارت كبرى، وأدلى بوثائق تثبت تحمله المسؤولية حين كانت المدينة قاصر بتأييد من مجلسها الجماعي، وبعده تم الاستماع إلى العمدة، الذي نفى بدوره أن تكون له علاقة بهذا الحادث، وأكد بأن لا علم له بما يجري بالمدينة بعدما صارت جماعته مهددة بالإفلاس، واكتفى أمام المحققين بالتعليق : “اللي ما عندو فلوس كلامو مسوس”، كما شمل التحقيق شركة أمانديس، التي كشفت عن هوية المشتبه فيه، دون أن تذكر المزيد من التفاصيل حول باقي شركائه، ويتعلق الأمر بالمضخة المتواجدة بالنفق، التي تبين بأنها كانت معطلة، حسب ما أفادت به السلطة المفوضة، وقد تم تحميلها (المضخة) المسؤولية بالرغم من محاولتها نفي التهمة عنها، حين ذكرت في تصريحاتها الأولية بأن الجهة المكلفة بها لم تكن حاضرة بعين المكان لحظة وقوع “الجريمة” في الوقت الذي تم إشعار الجميع من قبل مديرية الأرصاد الجوية، الطرف المدني في هذه القضية، والتي أدلت بمذكرة تتضمن البلاغ الصادر عنها قبل يوم الحادث، فيما كان نصيب المجتمع المدني خلال هذا التحقيق مساءلته من أجل عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر، بعدما فضل “الفراجة”..
وطيلة مراحل البحث، امتنعت المشتبه فيها المضخة، عن تحديد هوية كافة الأطراف المعنية المتورطة في هذا الحادث، لتفادي تكييف التهمة نحو تكوين عصابة إجرامية، وعدم إحالة القضية على غرفة الجنايات، ليتم الاكتفاء بتقديم الملف أمام القضاء الجنحي العادي، بعدما اعتبر كل من الوالي والعمدة وممثل شركة أمانديس، ما وقع أمرا عاديا تماما، ويحدث في كل مكان بما فيها أمريكا والدول المتقدمة، وهذا ما جعل السلطات المحلية تمنح لرئيس الجماعة صلاحية متابعة كل من ساهم من قريب أو من بعيد في إثارة الفتنة من خلال استغلال هذا الحادث في تصفية حساباته الضيقة مع النفق، والمطالبة بإعادة الاعتبار لهذا الأخير بعد التشهير به وتشويه سمعة المشرفين عليه، وكذا اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمواجهة الحملات التي تستهدف فيضانات طنجة الكبرى، بعدما خلص هذا التحقيق إلى ربطالمسؤولية بالنفق والمحاسبة بالنفاق..
* عن أسبوعية ” لاكرونيك”