
محمد العمراني
يبدو أن مسؤولي حزب العدالة والتنمية بمدينة طنجة قرروا الانتقال للسرعة القصوى في الانتقام من خصومهم، و تأديب كل من تجرأ على شق عصا الطاعة لهم، أوجاهر بانتقاد الحزب المتحكم في دواليب جماعة طنجة ومقاطعاتها الأربع.
ففي قرار أخرق، وخارج كل الضوابط القانونية، فرض العمدة العبدلاوي على نائبته، المكلفة بقطاع التعمير، توقيع قرار سحب الترخيص لإنجاز تجزئة سكنية بتراب بني مكادة،هي عبارة عن مشروع مشترك بين وزارة الاحباس وامحمد الحميدي، العضو بمجلس المدينة، ورئيس الغرفة الجهوية للصناعة التقليدية، عن حزب البام المتموقع في المعارضة بمجلس المدينة.
المصيبة ان التجزئة تم الترخيص لها طبقا للقانون المنظم للتعمير، وتمت الموافقة على المشروع بالاجماع من طرف مكونات اللجنة التقنية المختصة في تدارس ملفات التعمير والتي تضم في عضويتها الوكالة الحضرية، قسم التعمير بولاية طنجة، وقسم التعمير بالجماعة الحضرية، وذلك لمطابقة المشروع مع وثيقة تصميم التهيئة.
وبناء على ذلك، وقعت الجماعة الحضرية رخصة الموافقة على إنجاز المشروع، وأدى المعني بالأمر الرسوم القانونية لفائدة الجماعة، والتي فاقت 70 مليون سنتيم، وشرع في إنجاز الأشغال، قبل أن ينزل قرار سحب الرخصة كالصاعقة.
الافظع من ذلك، أن الجماعة بررت قرار سحبها للرخصة بتخصيص العقار موضوع الرخصة لبناء ملعب القرب لكرة القدم، وان الساكنة احتجت على إنجاز التجزئة، علما أن من أبجديات قانون التعمير هو أن أحكام تصميم التهيئة الجديد لا يسري على المشاريع المرخصة طبقا للتصميم المنتهي آجاله، كما أن الجماعة توصلت برسالة جوابية من الوكالة الحضرية تؤكد فيها مطابقة رخصة التجزئة مع وثائق التعمير!..
المثير في الموضوع، أن الاخوان في حزب العدالة والتنمية كانت علاقتهم سمن على عسل بالعضو امحمد الحميدي، لكن مباشرة بعد الدورة الاستثنائية التي تدارست مشروع الميزانية بعد إسقاطها من طرف وزارة الداخلية، وتموقعه الى جانب المعارضة، سجل المتتبعون انقلابا في موقف الاخوان من هذا المشروع، وكانت الرسالة واضحة عندما طرح أحمد برحو، الكاتب الاقليمي لمصباح طنجة، والعضو بمجلس المدينة، الموضوع خلال إحدى جلسات دورة فبراير المنصرم، وطالب بفتح تحقيق بشان الرخصة، تلاه خرجة العمدة العبدلاوي ونائبه القوي امحجور، والزعيم خيي الى موقع التجزئة، ليتقرر على اثرها سحب الرخصة!.
ويبدو جليا ان حزب العدالة والتنمية قد وضع نصب عينه إجبار المستثمرين على الدخول لبيت الطاعة، حيث سبق له قبل أسابيع أن رفع الفيتو في وجه مشروع تقدم به أحد كبار المستثمرين في مجال العقار للجنة الاستثناءات لأسباب واهية، وحتى عندما استجاب المعني بالامر للملاحظات التقنية وحصل على الموافقة، فإن عمدة طنجة رفض التوقيع على رخصة البناء رغم التأشير عليها من طرف اللجنة التقنية المختصة، التي تضم في عضويتها قسم التعمير بالجماعة الى جانب الوكالة الحضرية وقسم التعمير بالولاية.
الخطير في الامر، أن قيادات البيجدي كانت الى عهد قريب تجاهر بدفاعها عن هذا المستثمر، وكانت تقدمه كأحد أعيان المدينة المعروف عنهم المساهمة في اعمال البر والخير، لكن ما إن أعلن الرجل عن اقتناعه بمشروع حزب سياسي آخر، حتى انقلبوا عليه وتحولوا الى أشرس مهاجميه!..
لقد بدا واضحا للعيان، ان حزب العدالة والتنمية وحتى يتمكن من إخضاع رجال المال والأعمال الذين يقررون الانتماء لحزب سياسي آخر، فأنه لم ولن يتردد في تحويل منصب العمودية إلى سوط لترهيب وتأديب كل من سولت له نفسه الوقوف في وجه حزب الإخوان، مع ما يشكله الامر من ضربة قاضية للاستثمار ببلادنا.
وأمام هذا المنحى الخطير، ينتظر المستثمرون تدخلا حازما من وزارة الداخلية لإنقاذهم من سيف البيجيدي المسلط على رقابهم، باعتبارها السلطة الحكومية المسؤولة عن مراقبة مدى تقيد الهيئات المنتخبة بالقوانين الجاري بها العمل، حيث أصبح من المستعجل إيفاد لجنة مركزية للتقصي في هاته الممارسات الخطيرة، والتي من شأنها أن تنسف مفهوم دولة الحق والقانون، المؤطر بموجب دستور المملكة، والذي يحرص على صيانته ملك البلاد.