
طنجاوي
وجه البرلماني، محمد خيي الخمليشي، رسالة إلى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، يلتمس منه خلالها العودة إلى الساحة للاستعادة التوازن الذي افتقده الحزب بعد إعفائه ومغادرته للساحة السياسية ولو بشكل مؤقت.
ويرى البعض أن رسالة خيي التي نشرها بصفحته ب”الفايسبوك” فيها استنجاد بالأمين العام بإنهاء تقاعده المبكر والعودة إلى الميادين، ولئن كان يدعوه لمواصلة العمل السياسي، فإن ذلك مرده إلى عدم رضا القيادات الحزبية على أداء العثماني سواء داخل الحزب أو داخل الحكومة، إذ يعتبر هؤلاء أن التوازن الحزبي اختل بوجود العثماني، رغم أنه يتحرك مع قيادات حزبية كانت محسوبة إلى عهد قريب على بنكيران وفي مقدمتهم مصطفى الرميد ومحمد يتيم.
رسالة خيي، وفق المراقبين، هي تجلي لأزمة حقيقية يعاني منها حزب العدالة والتنمية، إذ صارت بعض الأصوات تنادي بالخروج من الأغلبية، وبعضها ناقم على أداء العثماني الذي يصفونه ب”المنبطح”، وآخرون فضلوا الصمت والعودة إلى الوراء لمراقبة ما يجري من أحداث.
وفي ما يلي نعيد نشر نص رسالة محمد خيي:
بعد أن عبرنا مسافة زمنية ونفسية كافية من الحدث/ الزلزال الذي عرفه المشهد السياسي المغربي -وحزب العدالة والتنمية تحديدا- ، يبدو لي أن الوقت قد حان لاستعادة التوازن المفتقد منذ ذلك الحين، وإعادة توجيه البوصلة من جديد لتشير بوضوح إلى المهام النضالية والديمقراطية والإصلاحية التي تطوق عنق العدالة والتنمية، و في اعتقادي ان ذ. بنكيران لا يملك خيارا أمام سؤال مواصلة العمل السياسي من عدمه ، و لا يمكن له أن يختار بأريحية بين الاستمرار أو الاعتزال ، لأنه لا أحد يتصور أن أدواره يمكن الحد منها فجأة مع إعفائه او عزله من رئاسة الحكومة ، ما من احد يمكن ان يحيله على التقاعد الإجباري وهو لازال بعد في أوج عطائه.
ولنكن اكثر وضوحا ، يتحمل ذ.عبدالاله بنكيران في هذه الظروف التي تعيشها بلادنا مسؤولية تاريخية كبيرة جدا ، ليس كأمين عام للحزب الأول فقط، بل كزعيم وطني يحظى باحترام فئات واسعة من الشعب المغربي و يتمتع بمصداقية دفعت -او ساهمت على الأقل بشكل كبير في دفع – مئات الآلاف من الناخبين المغاربة للذهاب لصناديق الاقتراع في موعدين انتخابيين حاسمين والتصويت لصالح استمرار تجربة الإصلاح التي قادها من موقعه في رئاسة الحكومة ، فضلا عن ذلك ومن دون شك ، يتحمل عبدالإله بنكيران ،سواء أراد ذلك او لم يرد ، مسؤولية الدفاع عن مكتسبات المشروع الإصلاحي الذي ناضل من اجله إلى جانب إخوانه وأخواته مدة أربعة عقود من العمل المتواصل و تقديم التضحيات .
آن الاوان أن يخرج ذ.عبدالاله بنكيران ويغادر مرحلة التأمل أو الانسحاب المؤقت الذي فرضته ظروف تشكيل حكومة د.سعدالدين العثماني ، و أن يستأنف عمله كأمين عام للحزب يتحمل مسؤولية السهر على تفعيل اجهزة الحزب التقريرية والتنفيذية وان يعقد اجتماعات الأمانة العامة بانتظام لتمارس أدوارها كقيادة للحزب تتحمل المسؤولية في وقف نزيف الثقة في إمكانية استعادة ألق الحزب و صورته في المجتمع و ان تقدم هذه القيادة اجابات واضحة تهم موقع الحزب وموقفه من تطورات عديدة مقلقة تشهدها بلادنا.
السي عبدالاله ، لا اعتقد أني أوجه لك نداء تحركه العاطفة المشبوبة تجاهك و لا رجاء من محب محبط لا يرى بديلا عنك ولا حتى مناشدة من عضو في حزبك ولا تعلقا دراميا بشخصك ولا تضخيما مرضيا لموقعك في هذا البناء السياسي والتحولات التي يعرفها ، بقدر ما اعتقد انه تَمَثُّلٌ للواجب ، و استحضار لمعنى المسؤولية التاريخية .
السي عبدالاله، لقد احترمنا حزنك كإنسان وكقائد سياسي عندما بدا عليك التأثر لما آلت اليه تطورات ما بعد 7 أكتوبر، وهو حزن على ما أظهره البعض من استعداد للتفريط في مكاسب نضال مرحلة مريرة من البناء والكدح والسعي نحو إنجاح تجربة الإصلاح في اطار الاستقرار ، ولا يمكن ان يكون حزنا على كرسي او منصب رئيس الحكومة، لأنك وضعت هذا المنصب وغامرت به في مقابل الحفاظ على معنى الإرادة الشعبية و على كرامة الناخبين المغاربة .
السي عبدالاله، لقد احترمنا ذلك الانسحاب المؤقت ، لكننا يقينا لسنا مستعدين لان نرى هذا الوضع المؤقت وقد أصبح وضعا دائما ، و سنحترم أكثر من دون شك عزمك على أن تستعيد مكانك في المقدمة ، و أن تشمر من جديد عن سواعد العمل وان تنزل للميدان … كما وعدتنا ذات يوم.