أخبار من الصحراء

نافذة على الذاكرة، فراجي ولد أحمد سالم ولد الناجم : بين الفكر التنموي والنضال الوطني.

الثلاثاء 19 أغسطس 2025 - 19:30

نافذة على الذاكرة، فراجي ولد أحمد سالم ولد الناجم : بين الفكر التنموي والنضال الوطني.

فراجي ولد أحمد سالم ولد الناجم، من مواليد سنة 1922 بجماعة الدورة إقليم الطرفاية حاليا، من القبيلة الشامخة أزركيين اشتوكة الگوانة أهل امبيركات.

في ريعان شبابه انضم الى الخلايا الطلائعية بالمقاومة وجيش التحرير مجسدا قيم الوطنية والمشاركة الفعالة في محطة وطنية من تاريخ المملكة ضد المستعمر الفرنسي، مشيا على أقدامه من العيون الى تيزنيت، قائما بتسهيل مهمات جيش التحرير والتلصص على قواعد العدو الفرنسي مشكلا نموذجا للشاب الصحراوي الوطني، الى جانب تمويل الخلايا من مخازن المستعمر الفرنسي.

بعد القبض عليه في اقليم سيدي إفني على يد القوات الإسبانية، تم تجنيده في الجيش الإسباني، ليس حبا فيه بل كراهية وأملا في رجوع الى وطنه سالما ليكمل المسار، بعد عودته سنة 1963 بفكرة إنشاء ضيعة وبئر لتزويد مدينة العيون ونواحيها بالماء الصالح للشرب نظرا لندرة المياه في ذلك الزمن، هي أفكار تنموية شقها الرجل التنموي الراغب في تنمية وطنه وربوع الساقية الحمراء، ليصبح البئر المعروف ب “حاسي فراجي” Pozo Farachi في منطقة فم الواد أول بئر يقوم بتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب.

لتعتبر تلك محطة لتلقين الشباب وساكنة المنطقة أساليب الفلاحة والزراعة كسبل للعيش ولتربية الماشية، لتصبح في الخرائط الإسبانية يشار الى المنطقة الفلاحية التي أنشئها فراجي ولد الناجم ب Reconde Farachi.

كل هذا أهله ليصبح لدى الإسبان مهندسا بالفطرة، ونال بذلك ثقة المسؤولين الإسبان بمدينة العيون ليتولى تقسيم البقع الأرضية وهندسة شكل المدينة بمنطقة الحي الحجري بالعيون المعروفة سابقا بمنطقة” الزملة”.

وكان رحمه الله أول من وضع الحجر الأساس للمسجد الموجود بشارع بوكراع بمدينة العيون والذي أصبح حاليا معلمة من معالم مدينة العيون، كما قام ببناء أول مصلى بهذا المسجد، ليحضر أئمة ومؤذنين وفقهاء لتعليم أطفال المدينة علوم وتحفيظ القرءان الكريم، هي فكرة لتعليم الناشئة والمساهمة في تنمية المنطقة.

وقد أسهمت كل الأعمال التي قام بها فراجي ولد أحمد سالم ولد الناجم، بما في ذلك إنشاءه للضيعات الفلاحية بمنطقة فم الواد وتوفيره المياه لساكنة المدينة واسهامه لما وصلت له منطقة الزملة من عمران في ذلك الوقت لتختاره ساكنة الصحراء ضمن المجموعة الصحراوية التي تم انتخابها لتنقل تطلعات ساكنة أهل الصحراء في البرلمان الإسباني وفي المحافل الدولية.

وتلبية لخطاب نداء المرحوم الراحل طيب الله ثراه الملك الحسن الثاني، إن الوطن غفور رحيم، كان المرحوم فراجي ولد الناجم أول عضو في المجموعة الصحراوية يعود الى أرض الوطن تلبية للنداء الملكي السامي إن الوطن غفور رحيم، وهو تأكيد على عدم قناعته بالمشروع الإنفصالي ودليل على أن وجوده في هذه الفترة في تلك المناطق كانت مرغمة، والدليل على ذلك وجوده من سنة 1976 الى سنة 1979 على الأراضي الليبية.

وحضي الوطني الغيور فراجي ولد الناجم باستقبال رسمي وشعبي تكلل باستقباله من طرف المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني الذي هنئه على عودته وشكره على تلبيته للنداء الملكي، كما أمر وزير الداخلية أنذاك الراحل إدريس البصري بحسن استقباله والإشراف على توفير كامل ظروف إقامته الى جانب اصطحابه الى ضريح الراحل الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، والتي كانت مناسبة لتسجيل حضوره بالدفتر الذهبي للضريح وجعلت من تلك المحطة استكمالا لمشواره الوطني.

كما أشرفت سلطات مدينة العيون وعلى رأسها الوالي المرحوم حسن أوشن على استقباله مرحبين بالضيف الوطني بعد استقباله بمدينة الرباط مسبقا.

وقد أصر والي المدينة على اصطحاب المرحوم فراجي ولد الناجم في جميع المناسبات الوطنية لثقله وحكمته وجدارته الوطنية.

هو مشوار خطه فراجي ولد أحمد سالم ولد الناجم، صاحب الفكر التنموي والروح الوطنية بمشاركته في عديد المحافل الوطنية أهمها تقديم فروض الطاعة والولاء لصاحب الجلالة المرحوم الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه.

ومن الثمرات الشاهدة على عمل المرحوم فراجي ولد الناجم، أصبحت اليوم منطقة فم الواد الضيعات الفلاحية حاليا، شاهدا على قرية أهلة بالسكان وتضم طريقا معبدة على طول 5 km كان فراجي ولد الناجم أول من ضغط على المستعمر الإسباني بقطع مياه الشرب عنهم حتى تعبد الطريق الى البئر الذي أنشأه سنة 1963.

توفي المرحوم فراجي ولد أحمد سالم ولد الناجم يوم 15 من شتنبر سنة 2009، وهو الوطني الذي جسد قيم الوفاء للمملكة, وهي مناسبة للدعاء له بالرحمة والغغران وجنات الرضوان.