أخبار سياسية

كويمن يكتب.. طنجة بدون دم

الأحد 30 أكتوبر 2016 - 13:40

كويمن يكتب.. طنجة بدون دم

محمد كويمن العمارتي*

غالبا ما يقال، وفق المثل الشعبي، عن الشخص الذي لا يستحيي، ليس في وجهه دم، باعتبار أن أصل حمرة الخجل من تدفق الدم، ومن ثم صار الحياء مرتبط بالدم، ليس بمدلول العنف طبعا، وكل من حافظ على دم الوجه، أكثر من ماء الوجه، فهو بالتأكيد لا ينتمي لفصيلة أصحاب “السنطيحة”، وأن يفتقد الوجه للدم، يصبح الجسد بدون روح، ويتحول إلى كتلة “قصديرية”، في زمن يقال بأن هناك رغبة في القضاء على دور الصفيح، والخطر في أن يعشش هذا الصفيح في الوجوه بكل برودة دم.

الحديث عن الدم في هاته المدينة، فرضه إعلان المركز الجهوي لتحاقن الدم بطنجة عن نفاذ مخزونه، ودعوته العاجلة للساكنة من أجل التبرع، وهي الدعوة التي تجاوب معها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، حين صار ما يصطلح عليه بالعالم الافتراضي أكثر واقعية بحكم هيمنة الفراغ المؤسساتي، حين أضحى تدبير الشأن المحلي يمر بحالة نقاهة بعد عملية الانتخابات، فلا أهل السياسة قادرون على التعامل مع أزمة الدم بنفس التعبئة الانتخابية، ولا السلطة على استعداد لتبني نفس أسلوبها في إقناع الناخبين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، وإلا لما نفذ مخزون الدم بالمدينة، ولعل خصاص الدم من بين أمثلة عديدة تعكس حقيقة استمرار انعدام الثقة في المجتمع، في غياب مكونات معادلة ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وقبل أزمة الدم، كانت هناك العديد من النداءات حول مآسي قطاع الصحة العمومية بالمدينة، ومع ذلك لم يتم التجاوب معها لا محليا ولا مركزيا، ولو في شقها المعنوي، وفق الإمكانيات المتوفرة، بتنسيق مع كافة الأطراف المعنية بالأمر، فقط هناك استغلال ظرفي لمثل هذه القضايا،  وسرعان ما يبحث كل طرف عن مبرراته حسب حدود اختصاصاته، وتستمر الحياة ولو بدون دم.

إنها طنجة الكبرى، يريدونها بدون روح، حين لا يبالون بهويتها، ويريدونها بدون دم، حين امتصوا دماءها لفترات طويلة من تعاقبوا على  تدبير شؤونها إما بهواجس انتخابية أو بمطامح سلطوية، فالعبرة مع إعلان نفاذ مخزون الدم بهده المدينة ليس في تشجيع المتبرعين فحسب ، بل في تذكير من فقدوا الدم في وجوههم، ليتحملوا مسؤوليتهم كل من موقعه، لكي لا تبقى طنجة بدون دم..

       *عن أسبوعية “لاكرونيك”