أخبار الجهات

الحكونية: قرية منسية في الصحراء المغربية تواجه تحديات التنمية والتهميش

الأربعاء 28 أغسطس 2024 - 15:19

الحكونية: قرية منسية في الصحراء المغربية تواجه تحديات التنمية والتهميش

في أقصى جنوب المملكة المغربية، وما أن تطأ قدماك إقليم طرفاية بجهة العيون الساقية الحمراء، تقبع قرية الحكونية الصغيرة كشاهد حي على التحديات التنموية التي تواجه المناطق النائية في المغرب. هذه الجماعة القروية، التي لا يتجاوز عدد سكانها 151 نسمة وفقاً لإحصاء 2014، تمثل نموذجاً صارخاً للتهميش والإهمال الذي تعاني منه بعض المناطق رغم الجهود التنموية على المستوى الوطني.
الواقع الديموغرافي والإداري:
تعتبر الحكونية ثاني أقل تجمع سكاني في المنطقة بعد تيفاريتي التي يبلغ عدد سكانها 55 نسمة فقط. هذا العدد الضئيل من السكان يثير تساؤلات جدية حول جدوى وجود هيكل إداري كامل لتسيير شؤون الجماعة. فرغم قلة السكان، إلا أن الحكونية تتمتع بميزانية للتدبير والتسيير، الأمر الذي يطرح إشكالية حول كيفية إنفاق هذه الأموال وما إذا كانت تصل فعلياً إلى تحسين حياة السكان.
البنية التحتية والخدمات الأساسية:
تعاني الحكونية من نقص حاد في البنية التحتية الأساسية. فالطرق المؤدية إلى القرية غير معبدة في معظمها، مما يزيد من عزلتها خاصة في فصل الشتاء. كما تفتقر القرية إلى شبكة متكاملة للكهرباء والماء الصالح للشرب، الأمر الذي يؤثر سلباً على جودة حياة السكان ويحد من فرص التنمية الاقتصادية في المنطقة.
الوضع الصحي:
يعد غياب المرافق الصحية الكافية من أبرز التحديات التي تواجه سكان الحكونية. فلا يوجد في القرية سوى مستوصف صغير يفتقر إلى التجهيزات الطبية الأساسية والكوادر الطبية المؤهلة. هذا الوضع يجبر السكان على قطع مسافات طويلة للوصول إلى المراكز الصحية في المدن المجاورة، مما يشكل خطراً حقيقياً في الحالات الطارئة.
التعليم وآفاق المستقبل:
تعاني المنظومة التعليمية في الحكونية من ضعف كبير. فالقرية لا تضم سوى مدرسة ابتدائية واحدة تفتقر إلى الموارد البشرية والمادية اللازمة. أما التعليم الإعدادي والثانوي، فهو غائب تماماً، مما يضطر الطلاب إلى الانقطاع عن الدراسة أو الانتقال إلى المدن الكبرى لمواصلة تعليمهم. هذا الوضع يحد بشكل كبير من فرص الشباب في بناء مستقبل أفضل ويساهم في تفاقم ظاهرة الهجرة القروية.
الاقتصاد المحلي وفرص العمل:
يعتمد اقتصاد الحكونية بشكل أساسي على الزراعة البسيطة وتربية الماشية، وهي أنشطة تتأثر بشدة بالظروف المناخية القاسية للمنطقة. غياب المشاريع التنموية وفرص العمل يدفع الشباب للهجرة إلى المدن الكبرى بحثاً عن لقمة العيش، مما يؤدي إلى تفريغ القرية من طاقاتها الشابة ويهدد استمراريتها على المدى الطويل.
التحديات البيئية:
تواجه الحكونية، كغيرها من القرى الصحراوية، تحديات بيئية كبيرة. فالتصحر وندرة المياه يشكلان تهديداً حقيقياً للحياة في المنطقة. كما أن غياب نظام فعال لإدارة النفايات يؤدي إلى تلوث البيئة المحلية ويهدد الصحة العامة للسكان.
الهوية الثقافية والاجتماعية:
رغم التحديات، تحافظ الحكونية على هويتها الثقافية والاجتماعية الفريدة. فالتقاليد الصحراوية العريقة لا تزال حاضرة في حياة السكان اليومية. لكن هذا التراث الثقافي مهدد بالاندثار مع تزايد الهجرة وغياب آليات لتوثيقه والحفاظ عليه.
نحو مستقبل أفضل:
إن وضع الحكونية يستدعي تدخلاً عاجلاً وشاملاً من قبل السلطات المركزية والمحلية. فالحاجة ملحة لوضع خطة تنموية متكاملة تراعي خصوصيات المنطقة وتحدياتها. هذه الخطة يجب أن تشمل تحسين البنية التحتية، توفير الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، خلق فرص عمل مستدامة، وتعزيز الاقتصاد المحلي.
كما يتعين إعادة النظر في الهيكل الإداري للجماعات الصغيرة مثل الحكونية لضمان الاستخدام الأمثل للموارد. فربما يكون من الأجدى دمج هذه الجماعات الصغيرة في وحدات إدارية أكبر لتحقيق وفورات الحجم وتحسين جودة الخدمات المقدمة للسكان.
الحكونية تشكل قاعدة أساسية لإعادة النظر في أهمية العدالة المجالية في توزيع ثمار التنمية على كافة ربوع المملكة. فتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة يتطلب الاهتمام بالمناطق النائية والمهمشة وإدماجها في الدينامية التنموية الوطنية. فقط بهذه الطريقة يمكن ضمان مستقبل أفضل لسكان الحكونية وغيرها من القرى المنسية في صحراء المغرب.