
أثارت استضافة جبهة “البوليساريو” لما سُمي بـ”الجامعة الصيفية” في دورتها الثالثة عشرة بمدينة بومرداس الجزائرية موجة من الانتقادات في الأوساط السياسية والإعلامية الجزائرية، خاصة بعد التصريحات التي صدرت عن أحد قيادات الجبهة، وُصفت بأنها استفزازية وتمس بمصالح الجزائر الخارجية.
وشكّلت التصريحات التي أدلى بها بشرايا حمودي بيون، الملقب بـ”الوزير الأول” في ما تسميه الجبهة “الجمهورية الصحراوية”، محور الجدل، بعد أن وجّه فيها اتهامات صريحة لعدد من الدول التي تدعم السيادة المغربية على الصحراء، من بينها دول إفريقية، أوروبية وخليجية، وهو ما اعتُبر مسًّا بمصالح الجزائر الاقتصادية والدبلوماسية، خاصة في ظل محاولات رسمية لإعادة ترميم علاقات متوترة مع بعض هذه الدول.
في السياق ذاته، عبّر عدد من النشطاء السياسيين الجزائريين عن استغرابهم من تحويل ولاية بومرداس إلى منصة لخطاب هجومي موجه إلى دول ترتبط مع الجزائر بعلاقات استراتيجية. وانتقد بعضهم المفارقة بين منع أنشطة لأحزاب سياسية جزائرية معتمدة، والسماح في المقابل بتنظيم فعاليات ممولة ومؤطرة من طرف “البوليساريو” على التراب الجزائري.
وأشار فاعلون سياسيون جزائريون إلى أن تصريحات الجبهة الانفصالية قد تضع الجزائر في موقف دبلوماسي حرج، خاصة وأنها صدرت من جهة توجد فوق أراضٍ جزائرية وتتحرك بحرية بدعم من السلطات، ما يطرح تساؤلات حول حدود السيطرة على خطابها وسلوكها.
كما لفت بعض المراقبين إلى توقيت هذه التصريحات، الذي يأتي في خضم تطورات جديدة يعرفها ملف الصحراء، من بينها تجديد التأكيد الدولي على دعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، ومواصلة فتح قنصليات في مدن الصحراء.
وفي قراءة للانعكاسات المحتملة لهذه التصريحات، حذر محللون من أنها قد تعمّق عزلة الجزائر على المستوى الدولي، خاصة في ظل ما وُصف بتقلص هامش المناورة الدبلوماسية تجاه عدد من الشركاء التقليديين. وأشاروا إلى أن استمرار هذه المواقف العدائية من داخل الأراضي الجزائرية قد يُفهم دوليًا على أنه تبنٍ رسمي لمواقف الجبهة، بما في ذلك استهدافها لفرنسا وإسبانيا ودول الخليج.
من جهة أخرى، اعتبر بعض المعارضين الجزائريين أن البوليساريو بدأت تخرج تدريجياً عن سيطرة السلطات الجزائرية، في ظل تنامي الغضب داخل مخيمات تندوف، وتزايد الخطاب التصادمي للجبهة، مما قد يفضي إلى توتير العلاقات الجزائرية مع دول تحاول السلطات الرسمية الحفاظ على حد أدنى من التوازن في علاقاتها معها.
واختُتمت هذه التحليلات بالتأكيد على أن مثل هذه الأنشطة، إلى جانب كلفة الدعم المالي والسياسي للجبهة، قد تُفاقم التحديات التي تواجهها الجزائر داخلياً وخارجياً، في وقت تشهد فيه البلاد أوضاعاً اقتصادية وسياسية معقدة.